الذين يقولون: ﴿لَّوْ مَا تَأْتِينَا بالملائكة﴾ [الحجر: ٧]، فلو أنزلنا الملائكة «،» فظلُّوا فيه «أي: فظلت الملائكة فيها» يَعْرجُونَ «، وزهم يرونها عياناً.
و» ظلَّ «هذه الناقصة، والضمير في» فظَلُّوا «يعود على الملائكةِ، وهو الصحيح وقال الحسن رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: يعود على الكفَّار المفتح لهم الباب.
وقرأ الأعمش، وأبو حيوة» يَعْرجُونَ «بكسر الراء؛ وهي لغةُ هذيل في عَرَجَ: يَعْرِجُ، أي: صعد.
قوله
: ﴿لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ قرأ ابن كثير:» سُكِرَتْ «مبنياً للمعفول، مخفَّف الكاف، وباقي السبعة كذلك إلا أنهم شدَّدوا الكاف، والزهري: بفتح السين، وكسر الكاف خفيفة مبنياً للفاعل.
فأما القراءة الأولى: فيجوز أن تكون بمعنى المشددة؛ فإن التخفيف يصلح للقليل والكثير، وهما مأخوذتان من: السِّكر، بكسر السين، هو السَّدُّ.
والمعنى: حُبِسَتْ أبصارنا، وسُدَّت، وقيل: بمعنى: أخذت، وقيل: بمعنى: سُحِرَت، وقيل المشدد من: سَكِرَ الماءُ بالكسر، والمخفف من سَكُرَ الشَّراب بالضم.
والمشهور أن» سَكِرَ «لا يتعدى فيكف بُنِي للمفعول؟.
فقال أبو علي:» يجوز أن يكون سمع متعدِّياً في البصر «.
والذي قاله المحقِّقون من أهل اللغةِ: أنَّ» سَكِر «إن كان من:» سَكِرَ الشَّرابُ، أو مِنْ سَكِرَ الرِّيحشُ «فالتضعيف فيه للتعدية، وإن كان من» سَكِرَ الماءً «فالتضعيف فيه للتكثير؛ لأنه متعد مخفَّفاً، وذلك أنه يقال: سَكرَت الرِّيحُ تَسْكرُ سَكْراً، إذا رَكدَت، وسَكِرَ الرَّجلُ منَ الشِّرابِ سَكْراً، ذا رَكَدَ، ولم ينقد لحاجته.
فهذان قاصران فالتضعيف فيها للتعدية، ويقال: سَكِرتُ الماء في مجاريه: إذا منعتهُ من الجَرِّي، فهذا متعدِّ، فالتضعيف فيه للتكثير.
وأما قراءةٌ ابن كثير: فإن كانت من «سَكِرَ الماءًُ» فهي واضحةٌ؛ لأنه متعدِّ، وإن كانت من «سَكُرَ الشَّرابُ أو سَكِرَ الرِّيحُ» فيجوز أن يكون الفعل استعمل لازماً تارة، ومتعدياً أخرى، نحو: «رَجَعَ زيْدٌ»، ورَجَعه غَيْرُه، وسَعِندَ وسَعِدَه غَيْرُه «وقال الزمخشريُّ:»