علمه بتقدّمهم، وتأخرهم، في الحدوثِ، الوجود في الطاعات وغيرها؛ فلا ينبغي أن تخص بحالةٍ دون حالةٍ.
ثم قال تعالى: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ﴾ على ما علم منهم، وذلك تنبيه على أنَّ الحشر، والنشر، البعث، والقيامة، أمرٌ واجبٌ ﴿إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ أي: أنَّ الحكمة تقتضي وجوب الحشر، والنشر، وعلى ما تقرر في أول سورة يونس عليه السلام.
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن صَلْصَالٍ﴾ الآية هذا هو النوع السابع من دلائل التوحيد؛ لأنه ثبت بالدلائل القاطعه أنه يمتنع القول بوجود حوادث لا أوَّل لها، وإذا ثبت هذا وجب انتهاء الحوادث إلى حادث أوَّل، هو أولُ الحوادث، وإذا كان كذلك، وجب انتهاء الناس إلى إنسانٍ هو أول الناس، وذلك الإنسان الأول، غير مخولقٍ من الأوبين؛ فيكون مخلوقاً لا محالة بقدرة الله تعالى.
فقوله: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان﴾ إشارة إلى ذلك الإنسان الأول، وأجمع المفسرون على أن المراد آدمُ صلوات الله وسلامه عليه.
ونقل في كتب الشِّيعة، عن محمد بن علي الباقر، أنَّه قال: قد انقضى قبل آدم صلوات الله عليه الذي هو أبونا ألف ألف آدم، أو أكثر.
قال ابنُ الخطيب رَحِمَهُ اللَّهُ: «وها لا يقدحُ في حدوث العالم، بل الأمر كيف كان لا بدَّ من الانتهاء إلى إنسانٍ أول، هو أول الناس، فأما أن ذلك الإنسان الأول هو أبونا آدم، فلا طريق له إلاََّ من جهة السمع».