عِيُونٍ» منكراً، والعينُّ معرف حيث وقع؛ والباقون: بالضمِّ، وهو الأصل.

فصل


الجنَّاتُ: البَساتِينُ، والعُيونُ: يحتمل أن يكون المراد بها الأنهار المذكمورة في قوله تعالى: ﴿فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى﴾ [محمد: ١٥]، ويحتمل أن يكمون امراد من هذه العيون منافع مغايرة لتلك الأنهار.
قوله: ﴿ادخلوها بِسَلامٍ آمِنِينَ﴾ العامة على وصل الهمزة من: دَخَلَ يَدخُل، وقد تقدم خلاف القراء في حركة هذا التنوين، لالتقاءِ السَّاكنين في البقرة: [١٧٣].
وقرأ يعقوب رَحِمَهُ اللَّهُ بفتح التنوين وكسر الخاء، وتوجيهها: أنَّه أمرٌ من: أدْخَلَ يَدْخلُ فلما وقع بعد «عُيونِ» ألقى حركة الهمزة على التنوين؛ لأنها همزة قطع ثمَّ حذفها، والأمر من الله تعالى، للملائكةِ، أي: أدخلوها أيَّاهم.
وقرأ الحسن، ويعقوب أيضاً: «أُدخِلُوها» ماضياً مبنياً للمفعول، إلا أنَّ يعقوب ضمَّ التنوين ووجهه: أنه أخذه من أدخل رباعياً، فألقى حركة همزة القطع على التنوين كما ألقى حركة المفتوحةِ في قراءته الأولى، والحسن كسرهُ على أصل التقاءِ الساكنين، ووجهه: أن يكون أجرى همزة القطع مجرى همزة الوصل في الإسقاط.
وقراءة الأمر على إضمار القول، أي: يقال لأهل الجنَّة: أدخلوها، أو يقال للملائكة: أدخلوها إياهم، وعلى قراءة الإخبار يكون مستأنفاً من غير إضمارٍ، وقوله «بِسَلامٍ» حالٌ: أي: ملتبسين بالسلامة أو مسلماً عليكم.
و «آمنِينَ» حال أخرى، وهي بدلٌ مما قبلها، إما بدل كلُ من كلِّ وإما بدل اشتمالِ؛ لأن الأمن مشتملٌ على التحية أو بالعكسٍ، والمعنى: أمنين من الموت، والخورج، والآفات.
فإن قيل: إن الله تعالى [حكم] قبل هذه الآية بأنهم في جنات وعيون، وإذا كانوا فيها فكيف يقال لهم: «ادْخُلُوها» ؟.
فالجواب: أنَّهم لما ملكوا جنات كثيرة، فكلما أرادوا أن ينتقلوا من جنة إلى أخرى قيل لهم: ﴿ادخلوها بِسَلامٍ آمِنِينَ﴾.
قوله تعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ﴾ الغِلُّ: الشَّحناءُ، والعداوة الحقد الكامن


الصفحة التالية
Icon