وقرأ الأعمش، في طائفة «حِشَى للهِ» بحذف الألفين، وقد تقدم أنَّ الفراء حكاها لغة عن بعض العرب؛ وعليه قوله: [الوافر]
٣٠٩٩ - حَشَى رَهْطَ النَّبيِّ....................................
لبيت.
وقرأ أبي، وعبد الله: «حَاشَى اللهِ» بجر الجلالةِ، وفيها وجهان:
أحدهما: أن تكون اسماً مضافاً للجلالة، نحو سبحان الله، وهو اختيارُ الزمخشريِّ.
والثاني: أنه حرف استنثاءٍ، جر به ما بعده؛ وإليه ذهب الفارسيُّ.
وفي جعله: «حَاشَا» حرف جرِّ مُراداً به الاستثناء، نظرٌ، إذْ لم يتقدم في الكلام شيءٌ يستثنى منه الاسم المعظَّم، بخلاف: قام القومُ حَاشَا زيدٍ، واعلم أنَّ النحويين لما ذكروا هذا الحرف، جعلوه من المتردِّد بين الفعلية، والحرفية كما عند من أثبت فعليّته، وجعله في ذلك ك «خَلاَ» و «عَدَ»، وهذا عند من أثبت حرفيته، وكان ينبغي أن يذكروه من المتردد بين الاسمية، والفعلية، والحرفية، كما فعلوا ذلك في «عَلَى» فقالوا: يتكون حرف جرٍّ في «عَلْكَ»، واسماً في قوله: «مِنْ عَليْه»، وفعلاً في قوله: [الطويل]
٣١٠٠ - عَلاَ زَيْدُنَا يوْمَ النَّقَا...................................
وإن كان فيه نظرٌ، تلخيصه: أنَّ «عَلاَ» حال كونها فعلاً غيرُ «عَلَى»، حال كونها غير فعلٍ؛ بدليل أنَّ الألف الفعلية منقلبةٌ عن واوٍ، ويدخلها التصريفُ، والاشتقاقُ دون ذينك.
وقد يتعلق من ينتصر للفارسي بهذا، فيقول: لو كان «حَاشَا» في قراءة العامَّة اسماً، لذكر ذلك النحويون عند ترددها بين الحرفية، والفعلية، فلمَّا لم يذكروه، دلَّ على عدم اسميتها.
وقرأ الحسن: «حَاشْ» بسكون الشين، وصلاً ووقفاً، كأنه أجرى الوصل مجرى