٣٣٦٠ - ألاَ كُلُّ شَيءٍ ما خَلا اللهَ بَاطلُ.....................
فظاهر كلامه يدلُّ على أن بيت لبيد لا تقديم فيه، وليس كذلك؛ فإنه ظاهر في التقديم جدًّا.
الثاني: أنه مستثنى من جواب الشرط، أو من خبر المبتدأ المقدَّر، تقديره: لعليهم غضب من الاه إلا من أكره، ولذلك قدر الزمخشري جزاء الشَّرط قبل الاستثناء وهو استثناء متصل؛ لأنَّ الكفر يكون بالقول من غير اعتقاد كالمكره، وقد يكون - والعياذ بالله - باعتقاد، فاستثنى الصنف الأول.
﴿وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ﴾ جملة حاليَّة ﴿إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ﴾ في هذه الحالة، وهذا يدلُّ على أن محلَّ الإيمان القلب، والذي [محله] القلب إما الاعتقاد، وإما كلام النَّفس؛ فوجب أن يكون الإيمان عبارة: إما عن المعرفة، وإما عن التصديق بكلام النَّفس.
قوله تعالى: ﴿ولكن مَّن شَرَحَ﴾ الاستدراك واضح؛ لأن قوله: ﴿إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ﴾ قد يسبق الوهم إلى الاستثناء مطلقاً، فاستدرك هذا، وقوله: ﴿وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ﴾ لا ينفي ذلك الوهم، و» مَنْ «إما شرطية أو موصولة، ولكن متى جعلت شرطية، فلا بدَّ من إضمار مبتدأ قبلها، لأنه لا يليها الجمل الشرطيَّة، قاله أبو حيَّان؛ ثم قال: ومثله: [الطويل]
٣٣٦١ -....................... ولكِنْ مَتى يَسْترفِدِ القَوْمُ أرْفدِ
أي: ولكن أنا متى يسترفد القوم.
وإنَّما لم تقع الشرطية بعد «لكِنْ» ؛ لأنَّ الاستدراك لا يقع في الشروط، هكذا قيل، وهو ممنوع.
وانتصب «صَدْراً» على أنه مفعول للشرح، والتقدير: ولكن من شرح بالكفر صدره، وحذف الضمير؛ لأنه لا يشكل بصدر غيره؛ إذ البشر لا يقدر على شرح صدر غيره، فهو نكرةٌ يراد بها المعرفة، والمراد بقوله: ﴿مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً﴾، أي: فتحه ووسعه لقبُول الكفر.
فصل
قال ابن عبَّاس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: نزلت هذه الآية في عمَّار بن ياسر؛ وذلك أن المشركين أخذوه وأباه ياسر وأمَّه سميَّة وصهيباً وبلالاً وخبَّاباً وسالماً فعذبوهم.
وأما سميَّة: فإنها ربطت بين بعيرين ووجئ في قُبُلها بحربة، فقتلت وقتل زوجها، وهما أول قتيلين في الإسلام - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -.