يريد «جَاعُوا»، فكذا هذه القراءة، أي: لِيَسُوءوا، كما في القراءةِ الشهيرة، فحذف الواو.
وقرئ «لِيُسِيءَ» بضمِّ الياء وكسر السين وياء بعدها، أي: ليُقَبِّحَ الله وجوهكم، أو ليقبِّح الوعد، أو البعث. وفي مصحف أنس «وَجْهَكُمْ» بالإفراد؛ كقوله: [الوافر]
٣٣٨٣ - كُلُوا فِي بَعْضِ بَطْنِكمُ تَعِفُّوا.........................
وكقوله: [الرجز]
٣٣٨٤ -.......................... في حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وقَدْ شَجِينَا
وكقوله:
٣٣٨٥ -........................... وأمَّا جِلدُهَا فَصَلِيبُ
قوله: «وليَْخُلوا» من جعل الأولى لام «كَيْ» كانت هذه أيضاً لام «كَيْ» معطوفة عليها، عطف علة على أخرى، ومن جعلها لام أمرٍ كأبيٍّ، أو لام قسم؛ كعلي بن أبي طالب، فاللام في «لِيدْخُلوا» تحتمل وجهين: الأمر والتعليل، و «كَمَا دَخلُوهُ» نعتُ مصدرٍ محذوفٍ، أو حالٌ من ضميره، كما يقول سيبويه، أي: دخولاً كما دخلوه، و «أوَّل مرَّةٍ» ظرف زمانٍ، وتقدَّم الكلام عليها في براءة.
والمراد بالمسجد بيت المقدس ونواحيه.
قوله: ﴿وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً﴾ التتبير الهلاك، يقال: تبر الشيء تبراً وتباراً وتبرية إذا هلك، وتبَّرهُ: أهلكه، وكلُّ شيء جعلته مكسَّراً مفتَّتا، فقد تبَّرتهُ، ومنه قيل: تب رالزجاج، وتبر الذَّهب لمكسره، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ هؤلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ﴾ [الأعراف: ١٣٩]، وقوله: ﴿وَلاَ تَزِدِ الظالمين إِلاَّ تَبَاراً﴾ [نوح: ٢٨] وقوله: «ما عَلَوْا» يجوز في «ما» أن تكون مفعولاً بها، أي: ليهلكوا الذي عَلوْهُ، أي: غلبوا عليه وظفروا وقيل: لِيهْدمُوه: كقوله: [الطويل]

٣٣٨٦ - ومَا النَّاسُ إلاَّ عَامِلانِ، فعَاملٌ يُتَبِّرُ مَا يَبْنِي وآخَرُ رَافِعُ
ويحتمل: «ويُتَبِّرُوا ما داموا غالبين» أي: ما دام سلطانهم جارياً على بني إسرائيل، وعلى هذا تكون ظرفية، أي: مدَّة استعلائهم، وهذا يحوجُ إلى حذف مفعولٍ، اللهم إلا أنْ يكون القصدُ مجردَ ذِكْرِ الفعل؛ نحو: هو يعطي ويمنع.
وقوله: «تَتْبيراً» ذكر للمصدر على معنى تحقيق الخبر، وإزالة الشكِّ في صدقه كما في قوله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ الله موسى تَكْلِيماً﴾ [النساء: ١٦٤] أي حقًّا، والمعنى ليُدمِّرُوا ويخرّبوا ما غلبوا عليه.


الصفحة التالية
Icon