قوله تعالى: «يَلْقاهُ» صفةٌ ل «كتاباً»، و «مَنْشُوراً» حالٌ من هاء «يَلْقَاهُ» وجوَّز الزمخشري وأبو البقاء وأبو حيَّان أن يكون نعتاً لِ «كِتَاباً»، وفيه نظر؛ من حيث إنه يلزم تقدم الصفة غير الصَّريحةِ، على الصَّريحةِ، وقد تقدَّم ما فيه.
وقرأ ابن عامرٍ وأبو جعفر «يُلقَّاهُ» بضمِّ الياء وفتح اللام وتشديد القاف، مضارع لُقِّي بالتشديد قال تعالى:
﴿وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً﴾ [الإنسان: ١١] والباقون بالفتح والسكون والتخفيف مضارع «لَقِيَ».

فصل


قال الحسن: بسطنا لَكَ صحيفةً، ووُكِّل بك ملكانِ، فهما عن يمينك، وعن شمالِكَ، فأمَّا الذي عن يمينك، فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن شمالك، فيحفظ سيِّئاتك؛ حتَّى إذا متَّ طُويَتْ صحيفتك، وجعلت معك في قبرك؛ حتى تخرج لك يوم القيامة، فقوله: ﴿وَنُخْرِجُ لَهُ﴾ أي: من قبره.
قوله تعالى: ﴿اقرأ كَتَابَكَ﴾ : على إضمار القول، أي: يقال له: اقرأ، وهذا القول: إمَّا صفةٌ أو حالٌ، كما في الجملة قبله. وهذا القائل هو الله تعالى.
قال الحسن: «يَقْرءُوهُ أمِّيًّا كان، أو غير أمِّيٍّ».
وقال أبو بكر بن عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: يؤتى المؤمنُ يوم القيامةِ بصحيفته، وحسناته في ظهرها، يغبطه الناس عليها، وسيئاته في جوف صحيفته، وهو يقرؤها، حتَّى إذا ظنَّ أنها قد أوبقته، قال الله له: «قَدْ غَفَرْتُ لَكَ فِيمَا بَينِي وبَينكَ» فيعظم سروره ويصير من الَّذين قال الله - عزَّ وجلَّ - في حقهم: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ﴾ [عبس: ٣٨، ٣٩].
قوله تعالى: ﴿كفى بِنَفْسِكَ﴾ فيه ثلاثة أوجه:
المشهور عند المعربين: أنَّ «كَفَى» فعل ماضٍ، والفاعل هو المجرور بالباء، وهي فيه مزيدة، ويدلُّ عليه أنها إذا حذفت ارتفع؛ كقوله: [الطويل]
٣٣٨٨ - ويُخْبِرنِي عَن غَائبِ المَرْءِ هَديهُ كَفَى الهَدْيُ عَمَّا غَيَّبَ المَرءُ مُخْبِرا
وقوله: [الطويل]
٣٣٨٩ -....................


الصفحة التالية
Icon