ويكذِّبُ بعضهم من يؤمنُ، فلذلك لم يرسل الآيات لهذه المصلحة.
وقدَّر أبو البقاء رحمة الله مضافاً قبل الفاعل، فقال: «تقديره: إلاَّ إهلاكُ التكذيب». كأنَّه يعني أنَّ التكذيب نفسه لم يمنع من ذلك، وإنَّما منع منه ما يترتَّب على التَّكذيب، وهو الإهلاك، ولا حاجة إلى ذلك؛ لاستقلالِ المعنى بدونه.
قوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَا ثَمُودَ الناقة مُبْصِرَةً﴾.
قرأ العامة بنصب «مُبْصِرةً» على الحال، وزيدُ بن عليٍّ يرفعها على إضمار مبتدأ، أي: هي، وهو إسناد مجازي، إذ المراد إبصار أهلها، ولكنها لمَّا كانت سبباص في الإبصار، نسب إليها، وقرأ قومٌ بفتح الصَّاد، مفعولٌ على الإسناد الحقيقيِّ، وقتادة بفتح الميم والصَّاد، أي: محل إبصارٍ، كقوله - عليه السلام -: «الولدُ مَبْخَلةٌ مَجْبَنةٌ»، وكقوله: [الكامل]
٣٤٣٣ -.................... والكُفْرُ مَخْبَثَةٌ لنَفْسِ المُنْعمِ
أجرى هذه الأشياء مجرى الأمكنة؛ نحو: أرضٌ مسبعةٌ ومذأبةٌ.
قوله تعالى: ﴿إِلاَّ تَخْوِيفاً﴾ يجوز أن يكون مفعولاً له، وأن يكون مصدراً في موضع الحال: إمَّا من الفاعل، أي: مخوِّفين أو من المفعول، اي: مخوَّفاً [بها].
فصل
المعنى أنَّ الآية التي التمسوها مثل آية ثمود، وقد آتينا ثمود النَّاقة مبصرة، اي: واضحة بيِّنة، ثم كفروا بها، فاستحقُّوا بها عذاب الاستئصال، فكيف يتمنَّاها هؤلاء على سبيل الاقتراح والتَّحكُّم.