والجواب: أنَّ الحاجة إلى ذلك التبيين عند كونها في وسط السَّماءِ أتمُّ، فالذي ذكرتم يدلُّ على أنَّ الدُّلوك عبارةٌ عن الزَّوال من وسط السَّماء؛ بطريق الأولى.
وقال الراغب:» دُلوكُ الشمسِ: ميلها للغروب، وهو من قولهم: دَلكْتُ الشَّمسَ: دفعتها بالرَّاح، ومنه: دَلكتُ الشيء في الرَّاحةِ، ودلكتُ الرَّجلَ: ماطلته، والدَّلوكُ: ما دلكته من طيبٍ، والدَّليكُ: طعامٌ يتَّخذُ من زبدٍ وتمرٍ «.
قوله: ﴿إلى غَسَقِ الليل﴾ في هذا الجارُ وجهان:
أحدهما: أنه متعلقٌ ب»
أقِمْ «فهي لانتهاءِ غاية الإقامة، وكذلك اللام في» لِدُلوكِ «متعلقة به أيضاً.
والثاني: أنه متعلق بمحذوف على أنه حال من»
الصَّلاة «أي: أقمها ممدودة إلى غسق الليل، قاله أبو البقاء، وفيه نظر: من حيث إنه قدَّر المتعلق كوناً مقيداً، إلا أن يريد تفسير المعنى، لا الإعراب.
والغسقُ: دخول أوَّل الليل، قاله ابن شميلٍ، وأنشد: [الرجز]

٣٤٥١ - إنَّ هذا اللَّيلَ قد غَسقَا واشْتكيتُ الهَمَّ والأرقَا
وقيل: هو سواد الليل، وظلمتهُ، وأصله من السَّيلان: غسقتِ العينُ، أي: سال دمعُها، فكأنَّ الظُّلمَة تنصبُّ على العالم، وتسيلُ عليهم؛ قال: [البسيط]
٣٤٣٥٢ - ظَلَّتْ تَجودُ يَداهَا وهي لاهِيَةٌ حتَّى إذَا هَجَمَ الإظلامُ والغَسقُ
ويقال: غَسقتِ العينُ: امتلأتْ دمعاً، وغسق الجرحُ: امتلأ دماً؛ فكأنَّ الظُّلمةَ ملأتِ الوجود.
وقال ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: الغَسقُ: بُدُوُّ اللُّيْل
وقال قتادة: وقتُ صلاة المغرب.
وقال مجاهدٌ: غروب الشَّمس.


الصفحة التالية
Icon