فصل في المراد بالحزبين
روى عطاءٌ عن ابن عبَّاس أنَّ المراد بالحزبين الملوك الذين تداولوا المدينة ملكاً بعد ملك، فأصحاب الكهف حزبٌ، والملوك حزبٌ.
وقال مجاهدٌ: «الحزبين» من قوم الفتية؛ لأنَّهم لما انتبهوا، اختلفوا في أنَّهم كم ناموا؛ لقوله تعالى: ﴿قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ﴾ [الكهف: ١٩].
وكأنَّ الذين قالوا: «ربُّكُمْ أعلم بِمَا لَبثْتُم» هم الذين علمُوا بطول مكثهم.
وقال الفراء: هم طائفتان من المسلمين في زمان أصحاب الكهف اختلفوا في مدَّة لبثهم.
وقولهم: ﴿أحصى لِمَا لَبِثُواْ﴾ أي: أ؛ فظ لما مكثُوا في كهفهم نياماً ﴿أَمَدًا﴾ أي: غاية.
وقال مجاهد: عدداً.
قوله: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بالحق﴾ [أي: نقص عليك نبأهم] على وجه الصدق.
قوله: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ﴾ شبَّان ﴿آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ إيماناً وبصيرة.
وقوله: ﴿آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ﴾ : فيه التفاتٌ من التكلم إلى الغيبة؛ إذ لو جاء على نسقِ الكلامِ، لقيل: إنَّهم فتيةٌ آمنوا بنا، وقوله: «وَزِدْنَاهُم» التفات من هذه الغيبة إلى التكلم أيضاً.
ومعنى قوله: «ورَبَطْنَا» وشددنا «عَلى قُلوبِهمْ» بالصَّبْر والتثبت، وقوَّيناهم بنور الإيمان، حتَّى صبروا على هجران ديار قومهم، ومفارقة ما كانوا فيه من خفض العيش،