قرِّب إليه، سقطت فروة وجهه فيه.
وسئل ابن مسعود عن المهل، فدعا بذهب وفضة، فأوقد عليهما النَّار، حتَّى ذابا، ثم قال: هذا أشبه شيءٍ بالمهل.
قيل: إذا طلبوا ماء للشُّرب، فيعطون هذا المهل.
قال تعالى: ﴿تصلى نَاراً حَامِيَةً تسقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ [الغاشية: ٤، ٥].
وقيل: إنَّهم يستغيثون من حرِّ جهنَّم، فيطلبون ماء يصبونه على وجوههم للتبريد، فيعطون هذا الماء؛ كما حكى عنهم قولهم: ﴿أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ المآء﴾ [الأعراف: ٥٠].
قوله: ﴿بِئْسَ الشراب﴾ المخصوص محذوف، تقديره: هو، أي: ذلك الماء المستغاث به.
قوله: ﴿وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً﴾ «ساءت» هنا متصرفة على بابها، وفاعلها ضمير النار، ومرتفقاً تمييزٌ منقولٌ من الفاعلية، أي: ساء، وقبح مرتفقها. والمُرتَفقُ: المُتَّكأ ومنه سمي المرفق مرفقاً؛ لأنه يتكأ عليه، وقيل: المنزل قاله ابن عبَّاس.
وقال مجاهد: مجتمعاً للرُّفقة؛ لأنَّ أهل النَّار يجتمعون رفقاء، كما يجتمع أهل الجنَّة رفقاء.
فأمَّا رفقاء أهل الجنَّة، فهم الأنبياءُ والصِّديقُون والشُّهداء والصالحون ﴿وَحَسُنَ أولئك رَفِيقاً﴾ [النساء: ٦٩].
وأما رفقاء النَّار، فهم الكفَّار والشَّياطين، أي: بئسَ الرفقاءُ هؤلاءِ، وبئس موضعُ الترافق النَّار، كما أنه نعم الرفقاءُ أهل الجنَّة، ونعم موضع الرفقاء الجنَّة، قاله ابن عباس وقيل: هو مصدر بمعنى الارتفاق، وقيل: هو من باب المقابلة أيضاً؛ كقوله في وصف الجنة بعد: ﴿وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً﴾ [الكهف: ٣١]، وإلاَّ فأيُّ ارتفاقٍ في النار؟ قال الزمخشري: إلا أن يكون من قوله: [البسيط]


الصفحة التالية
Icon