وكأن ابن عطية - رَحِمَهُ اللَّهُ - قصد بواو الابتداء هذا؛ فإنَّها استئنافيةٌ.
فصل
قال أهل السنة: هذه الآية تدل على أنَّ أفعال العباد مخلوقة لله تعالى؛ لأنَّها من جملة ما في السماوات والرض، وليس المراد من كونها لله، أنَّها مفعولة لأجله، ولطاعته؛ لأنَّ فيها المباحاتِ، والمحظورات التي يؤتى بها، لغرضِ الشَّهوةِ، واللَّذةِ، لا لغرضِ الطاعة؛ فوجب أن يكون المراد من كونها لله تعالى أنَّها واقعة بتكوينه وتخليقه.
قوله: ﴿وَلَهُ الدين وَاصِباً﴾ حال من «الدِّينُ» والعامل فيها الاستقرار المتضمن الجارَّ الواقع خبراً، والواصبُ: الدَّائمُ؛ قال حسَّان: [المديد]
٣٣٢١ - غَيَّرتهُ الرِّيحُ تَسْفِي بِهِ | وهَزِيمٌ رَعْدهُ وَاصِبُ |
٣٣٢٢ - لا أبْتَغِي الحَمْدَ القَليلَ بَقاؤهُ | يَوْماً بِذمِّ الدَّهْرِ أجْمعَ وَاصِبَا |
٣٣٢٣ -.......................... أضْحَى فُؤادِي بِهِ فَاتِنَا
أي: ذا فُتونٍ، وقيل: الواصب: الخالص، ويقال: وصَب الشَّيءُ، يَصِبُ وصُوباً، إذا دام، ويقال واظَبَ على الشَّيءِ، وَواصَبَ عليه إذا دَامَ، ومَفازَةٌ واصِبَةٌ، أي: بعيدة، لا غاية لها.
وقال ابن قتيبة: ليس من أحدٍ يدان له، ويطاع إلاَّ انقطع ذلك بسبب في حال الحياة، أو بالموتِ إلا الحقَّ - سبحانه وتعالى - فإنَّ طاعته دائمة لا تنقطع.
قال ابنُ الخطيب: وأقولُ: الدين قد يعنى به الانقياد؛ يقال: يا من دَانتْ لهُ الرِّقَابُ، أي: انقادت لذاته، أي: وله الدينُ واصِباً، أي: انقياد كل ما سواه له لازمٌ أبداً؛