[قوله] :﴿فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ﴾ الفاء جواب «إذَا» والجُؤارُ: رفع الصَّوت؛ قال رؤبة يصف راهباً: [المتقارب]
٣٣٢٨ - يُداوِمُ من صَلواتِ المَلِيكِ... طَوْراً سُجُوداً وطَوْراً جُؤار
ومنهم من قيَّده بالاستغاثة؛ وأنشد الزمخشريُّ: [الكامل]
٣٣٢٩ -... - جَأَّرُ سَاعَاتِ النِّيامِ لِربِّهِ
................... وقيل: الجُؤارُ: كالخُوارِ، جَأرَ الثَّوْرُ، وخَارَ: واحِدٌ، إلاَّ أنَّ هذا مهموز العين، وذلك مُعتلها.
وق لالراغب: «جَأرَ إذا أفْرطَ في الدُّعاءِ، والتَّضرُّعِ تَشْبِيهاً بجُؤارِ الوحشيات» وقرأ الزهري: «تَجَرُونَ» محذوف الهمزة، وإلقاء حركتها على الساكن قبلها، كما قرأ نافع: «رِداً» في ﴿رِدْءاً﴾ [القصص: ٣٤].
ومعنى الآية: أنَّه - تعالى - بيَّن أن جميع النِّعم من الله، ثم إذا اتفق لأحدٍ مضرةٌ تزيل تلك النعم؛ فإلى الله يستغيث؛ لعلمه بأنَّه لا مفزع للخلق إلا الله، فكأنه - تعالى - قال لهم: فأين أنتم عن هذه الطريقة في حال الرخاءِ، والسلامة.
قوله: ﴿ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضر﴾ «إذَا» الأولى شرطية، والثانية: فجائية جوابها، وفي الآية دليل على أنَّ «إذَا» الشرطية لا تكون معمولة لجوابها؛ لأنَّ ما بعد «إذَا» الفجائية لا يعمل فيما قبلها.
[وقرأ قتادة] :«كَاشِفٌ» على فاعل. قال الزمخشريُّ: «بمعنى» فعل «وهو أقوى من» كَشَف «لأن بناء المغالبة يدل على المبالغة».
قوله: «مِنْكُمْ» يجوز أن يكن صفة ل «فَرِيقٌ»، و «مِنْ» للتبعيض، ويجوز أن يكون للبيان، قال الزمخشريُّ: «كأنه قال: إذا فريقٌ كافرٌ، وهم أنتم».
فصل
بين - تعالى - أنَّ عند كشف الضرِّ، وسلامة الأحوال، يفترقون: فريق منهم يبقى على ما