أُرْسِلَ الأولون} والمراد أنهم طلبوا منه حالة لا يتطرق إليها شيء من هذه الاحتمالات.
وقال المفسرون: إن المشركين اقتسموا القول فيه وفيما يقوله: فقال بعضهم «أضغاث أحرم» أي: أباطيلها وأهاويلها رآها في النوم.
وقال بعضهم: «بَلْ افْتَرَاهُ» أي: اختلقه. وقال بعضهم: بل محمد شاعر، وما جاءكم به شعر «فَلْيَأْتِنَا» محمد «بِآيَةٍ» إن كان صادقاً ﴿كَمَآ أُرْسِلَ الأولون﴾ من الرسل بالآيات؟
قوله: «كَمَا أُرْسِلَ» يجوز في هذه الكاف وجهان:
أحدهما: أن يكون في محل نعتاً ل «آية»، أي: بآية مثل آية إرسال الأولين (ما) مصدرية.
الثاني: أن يكون نعتاً لمصدر محذوف، أي إتياناً مثل إرسال الأولين. فأجابهم الله تعالى بقوله: ﴿مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ﴾ أي: قبل مشركي مكة «مِنْ قَرْيَةٍ» أتتهم الآيات «أَهْلَكْنَاهَا» أي: أهلكناهم بالتكذيب «أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ إِن جاءتهم آية». والمعنى: أنهم في العتو أشد من الذين اقترحوا على أنبيائهم الآيات، وعاهدوا أنهم يؤمنون عندها، فلما جاءتهم نكثوا وخالفوا، فأهلكهم الله، فلو أعطيناهم ما يقترحون لكانوا أشد نكثاً.
قال الحسن: إنما لم يجابوا لأن حكم الله تعالى أن من كذب بعد الإجابة إلى ما اقترحه، فلا بدّ من أن ينزل به عذاب الاستئصال، وقد مضى حكمه في أمة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خاصة بخلافه فلذلك لم يجبهم. وتقدم الكلام في إعراب نظير قوله: ﴿أَهْلَكْنَاهَآ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ﴾.
قوله: «نُوحِي إِلَيْهَم». قرأ حفص «» نوحي «بنون العظمة بنياً للفاعل، أي نوحي نحن والباقون بالياء وفتح الحاء مبنياً للمفعول، وقد تقدم في يوسف. وهذه