قال أبو عبيدة والفَّراء: السَّريُّ: هو النَّهْرُ مطلقاً.
وقال الأخفشُ: هو النَّهْرُ الصَّغير.
قوله تعالى: ﴿وهزى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النخلة﴾ : يجوز أن تكون الباءُ في «بِجِذْعٍ» زائدة، كهي في قوله تعالى: ﴿وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٥] [وقوله] :
٣٥٨٩ -........................................... لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ
وأنشد الطبريُّ - رحمة الله تعالى -: [الطويل]

٣٥٩٠ - بِوَادٍ يمانٍ يُنْبِتُ السِّدْرَ صدْرُهُ وأسْفَلُهُ بالمَرْخِ والشَّبَهَانِ
أي: ينبت المرخ أي: هُزِّي جذْعَ النَّخلةِ.
أو حركي جذْعَ النَّخلة. قال الفرَّاء: العربُ تقول: هزَّهُ، وهزَّ به، وأخذ الخطام وأخذ بالخطام، وزوَّجتُك فلانة، وبفُلانةٍ ويجوز أن يكون المفعول محذوفاً، والجارُّ حالٌ من ذلك المحذوف، تقديره: وهُزِّي إليك رُطباً كائناً بجذع النخلة، ويجوز أن يكون هذا محمولاً على المعنى؛ إذ التقدير: هُزِّي الثمرةَ بسبب هزِّ الجِذْع، أي: انفُضِي الجِذْع، وإليه نحا الزمخشريُّ؛ فإنه قال: «أو افْعَلِي الهَزَّ» ؛ مقوله: [الطويل]
٣٥٩١ -................................... يَجْرَحْ فِي عَراقِيبِهَا نَصْلِي
قال أبو حيَّان: وفي هذه الآية، وفي قوله تعالى: ﴿واضمم إِلَيْكَ جَنَاحَكَ﴾ [القصص: ٣٢] ما يردُّ على القاعدة المقرَّرةِ في علم النَّحو: من أنَّه لا يتعدَّى فعلُ المضمرِ المتَّصل إلى ضميره المتَّصلِ، إلاَّ في باب «ظنَّ» وفي لَفْظَتَيْ «فَقَدَ، وعدِمَ» لا يقالُ: ضربْتُكَ، ولا ضَرَبْتُني، أي: ضَربْتَ أنْتَ نَفْسَكَ، وضَربْتُ أنَا نفسي، وإنما يؤتى في هذا بالنَّفْسِ، وحكمُ المجرور بالحرف المنصوب؛ فلا يقال: هَزَزْتَ إليك، ولا زيدٌ هزَّ إليه؛ ولذلك جعل النحويُّون «عَنْ» و «عَلَى» اسمين في قول امرئ القيس: [الطويل]
٣٥٩٢ - دَعْ عَنْكَ نَهْباً صيحَ في حُجُراتِهِ ولكِنْ حدياً ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ
وقول الآخر: [المتقارب]
٣٥٩٣ - هَوِّنْ عليمَ فإنَّ الأمُورَ بكَفِّ الإلهِ مقاديرُهَا
وقد ثبت بذلك كونهما اسمين؛ لدُخُولِ حرفِ الجرِّ عليهما في قوله: [الطويل]


الصفحة التالية
Icon