فصل


اعلم أنَّ القوم لم يجدوا في جوابه إلاَّ طريقة التقليد فأجابوه بأنَّ آباءهم سلكوا هذا الطريق، فاقتدوا بهم، فلا جرم أجابهم إبراهيم - عليه السلام - بقوله: ﴿لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ﴾ فبين أنَّ الباطل لا يصير حقاً بكثرة المتمسكين به. قوله: «أَنْتُمْ» تأكيد للضمير المتصل.
قال الزمخشري: و «أَنْتُمْ» من التأكيد الذي لا يصح الكلام مع الإخلال به، لأن العطف على ضمير هو في حكم بعض الفعل ممتنع، ونحوه ﴿اسكن أَنتَ وَزَوْجُكَ الجنة﴾ [البقرة: ٣٥، الأعراف: ١٩]. قال أبو حيان: وليس هذا حكماً مجمعاً عليه فلا يصح الكلام مع الإخلال به، لأنَّ الكوفيين يجيزون العطف على الضمير المتصل المرفوع من غير تأكيد بالضمير المنفصل، ولا فصل، وتنظير ذلك ب ﴿اسكن أَنتَ وَزَوْجُكَ الجنة﴾ [البقرة: ٣٥، الأعراف: ١٩] مخالف لمذهبه في ﴿اسكن أَنتَ وَزَوْجُكَ﴾ [البقرة: ٣٥، الأعراف: ١٩] لأنه يزعم أَنَّ «وَزَوْجَكَ» ليس معطوفاً على الضمير المستكن في «اسْكُنْ» بل مرفوع بفعل مضمر أي: وليسكن، فهو عنده من قبيل عطف الجمل، وقوله هذا مخالف لمذهب سيبويه.


الصفحة التالية
Icon