الثالث: أنه مصدرٌ واقعٌ موقع الحالِ، شاَئِباً، أو ذا شيب.
وأدغم السِّين في الشِّين أبو عمرٍ.
وقوله:» بِدُعائِكَ «فيه وجهان:
أحدهما: أنَّ المصدر مضافٌ لمفعوله، أي: بُدعائي إيَّاك.
والمعنى: عوَّدتني الإجابة فيما مضى، ولم تُخَيِّبْنِي.
والثاني: أنه مضافٌ لفاعله، أي: لم أكن بدعائك لي إلى الإيمان شقيَّا، أي: لما دعوتني إلى الإيمان، آمنتُ، ولم أشق.
قوله: ﴿وَإِنِّي خِفْتُ الموالي﴾ : العامَّةُ على» خِفْتُ «بكسر الخاء، وسكون الفاء، وهو ماضٍ مسندٌ لتاءِ المتكلِّم، و» الموالِي «مفعولٌ به؛ بمعنى: أنَّ مواليهُ كانُوا شِرَارَ بني إسرائيل، فخافهم على الدِّين، قاله الزمخشريٌُّ.
قال أبو البقاء:» لا بُدَّ من حذفِ مضافٍ، أي: عدم الموالي، أو جَوْرَ الموالي «.
وقال الزهريُّ كذلك، إلا انه سكَّن ياء» المَوالِي «وقد تقدّضمَ أنَّه قد تُقدَّر الفتحةُ في الياء، والواو، وعليه قراءة زيد بن عليٍّ ﴿تُطْعِمُونَ أَهالِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩].
وتقدَّم إيضاحُ هذا.
وقرأ عثمانُ بنُ عفَّان، وزيدُ بن ثابت، وابن عبَّاس، وسعيد بن جبير، وسعيد بن العاص، ويحيى بنُ يعمر، وعليُّ بنُ الحسبن في آخرين: «خَفَّتِ» بفتحِ الخاءِ، والفاءِ مشددةً، وتاء تأنيثٍ، كُسرتْ؛ لالتقاءِ السَّاكنين، و «المَوالِي» فاعلٌ به؛ بمعنى: دَرَجُوا، وانقرضُوا بالموتِ.
قوله: «مِنْ وَرَائِي» هذا متعلِّقٌ في قراءة الجمهور بما تضمَّنَهُ الموالي من معنى الفعلِ، أي: الذين يلون الأمْرَ بعدي، ولا يتعلَّق ب «خَفَّتِ» بالتشديد، فيتعلَّق يُرَادَ ب «وَرَائِي» معنى: خَلْفِي، وبَعْدِي، وأمَّا في قراءةِ «خَفَّتِْ» بالتشديد، فيتعلَّق الظَّرْفُ بنفس الفعل، ويكونُ «وَرَائِي» بمعنى قُدَّامي، والمعنى: أنهم خفُّوا قدَّامهُ، ودرجُوا، ولم يبق منهم من به تقوٍّ واعتضادٌ، ذكر هذين المعنيين الزمخشريُّ.
والمَوالِي: بنُو العمِّ يدلُّ على ذلك تفسيرُ الشَّاعر لهم بذلك في قوله: [البسيط]
٣٥٨٠ - مَهْلاً، بَنِي عمِّنَا؛ مَهْلاً موالينَا | لا تَنْبُشُوا بَيْننا ما كان مَدْفُوناً |