وقيل: معناه: ورب قرية. والأول أولى، لأنه أوكد في الزجر.
وقوله: «أَهْلَكْتُهَا» قرأ أبو عمرو ويعقوب «أَهْلَكْتُها» بالتاء، وهو اختيار أبي عبيد لقوله: ﴿فَأمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ﴾ وقرأ ابن كثير وأهل الكوفة والمدينة «أَهْلَكْنَاهَا».
قوله: ﴿وَهِيَ ظَالِمَةٌ﴾ جملة حالية من هاء «أَهْلَكْنَاهَا».
وقوله: ﴿فَهِيَ خَاوِيَةٌ﴾ عطف على «أَهْلَكْتُها»، فيجوز أن تكون في محل رفع لعطفها على الخبر على القول الثاني، وأن لا تكون لها محل لعطفها على الجملة المفسرة على القول الأول. وهذا عنى الزمخشري بقوله: والثانية - يعني قوله: «فَهِيَ خَاوِيَةٌ» - لا محل لها، لأنها معطوفة على «أَهْلَكْنَاهَا» وهذا الفعل ليس له محل. تفريعاً على القول بالاشتغال، وإلا إذا قلنا إنه خبر لكان له محل ضرورة.
فصل
المعنى: وكم من قرية أهلكتها (أي أهلها) لقوله: «وَهِيَ ظَالِمَةٌ»، أي: وأهلها ظالمون، «فَهِيَ خَاوِيَةٌ» ساقطة «عَلَى عُرُوشِهَا» على سقوفها.
قال الزمخشري: كل مرتفع أظلك من سقف بيت أو خيمة أو ظلة فهو عرش، والخاوي: الساقط من خوى النجم: إذا سقط، أو من خوى المنزل: إذا خلا من أهله. فإذا فسرنا الخاوي بالساقط كان المعنى أنها ساقطة على سقوفها، أي: خرت سقوفها على الأرض، ثم تهدمت حيطانها، فسقطت فوق السقوف. وإن فسرناه بالخالي كان المعنى أنها خلت من الناس مع بقاء عروشها وسلامتها ويمكن أن يكون خبراً بعد خبر، أي: هي خالية وهي على عروشها، يعني أن السقوف سقطت على الأرض فصارت في قرار الحيطان، وبقيت الحيطان قائمة، فهي مشرفة على السقوف الساقطة. قوله: «وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ» عطف على «قَرْيَةٍ»، وكذلك «قَصْرٍ» أي: وكأيٍّ من بئر وقصر أهلكناهما. وقيل: يحتمل أن تكون معطوفة وما بعدها على «عُرُوشِها» أي: خاوية على بئر وقصر أيضاً، وليس بشيء.