وثانيها: قوله تعالى: ﴿أَقِمِ الصلاة لذكريا﴾ [طه: ١٤] وظاهر الأمر للوجوب، والغفلة تضاد الذكر، فمن غفل في جميع صلاته كيف يكون مقيماً للصلاة لذكره.
وثالثها: قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَكُنْ مِّنَ الغافلين﴾ [الأعراف: ٢٠٥] وظاهره للتحريم، وقوله: ﴿حتى تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: ٤٣] تعليل لنهي السكران، وهو مطرد في الغافل المستغرق في الدنيا.
ورابعها: قوله - عليه الصلاة - «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعداً» وصلاة الغافل لا تمنع من الفحشاء، قال عليه السلام: «كم من قائم حظّه من قيامه التعب والنصب» وما أراد به ألا الغافل، وقال أيضاً: «ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل»، وقالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْها - سألت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن الالتفات في الصلاة، فقال: «هو اختلاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ من صلاة العبد» وعن أبي ذر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: «لا يزال الله - عزَّ وجلَّ - مُقْبِلاً على العبد ما كان في صلاته ما لم يلتفت فإذا التفت أعرض عنه» وذهب بعضهم إلى أنه ليس بواجب لأنّ اشتراط الخضوع والخشوع خلاف لإجماع الفقهاء فلا يلتفت إليه.
وأُجيب بأن هذا الإجماع ممنوع، لأن المتكلمين اتفقوا على أنه لا بُدّ من الخضوع والخشوع، واحتجوا بأن السجود لله تعالى طاعة، وللصنم كفر، وكل واحد منهما


الصفحة التالية
Icon