الثاني: أنه متعلق ب «نَادِمِين»، وهذا على أحد الأقوال في لام القسم، وذلك أنّ فيها ثلاثة أقوال:
جواز تقديم معمول ما بعدها عليها مطلقاً، وهو قول الفراء وأبي عبيدة.
والثاني: المنع مطلقاً، وهو قول جمهور البصريين.
والثالث: التفصيل بين الظرف وعديله وبين غيرهما، فيجوز للاتساع ويمتنع في غيرهما فلا يجوز في: والله لأضربن زيداً، زيداً لأضربن لأنه غير ظرف ولا عديله.
والثالث من الأوجه المتقدمة: أنّه متعلق بمحذوف تقديره: عَمّا قَلِيلٍ تنصر حذف لدلالة ما قبله عليه، وهو قوله: «رَبّ انْصُرْنِي». وقرئ: «لَتُصْبِحُنَّ» بتاء الخطاب على الالتفات، أو على أنَّ القول صدر من الرسول لقومه بذلك.
قوله: «عَمَّا قَلِيلٍ» الآية معناه أنه يظهر لهم علامات الهلال فعند ذلك يحصل لهم الحسرة والندامة على ترك القبول. ثم بيّن تعالى الهلاك الذي أنزل عليهم بقوله: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة بالحق﴾ قيل: إن جبريل - عليه السلام - صاح بهم صيحةً عظيمةً فهلكوا. وقال ابن عباس: الصيحة الرجفة. وعن الحسن: الصيحة نفس العذاب والموت. كما يقال فيمن يموت: دعي فأجاب.
وقيل: هي العذاب المصطلم، قال الشاعر:

٣٧٩٧ - صاح الزمان بآل برمك صيحة خروا لشدتها على الأذقان
والأول أولى لأنه الحقيقة.
قوله: «بالحقِّ» أي: دمرناهم بالعدل، من قولك: فلانٌ يقضي بالحق إذا كان عادلاً في قضائه.
وقال المُفضل: «بالحقِّ» بما لا مدفع له كقوله: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾ [ق: ١٩].


الصفحة التالية
Icon