قُدّم للفاصلة وللاختصاص. واللام، قيل: بمعنى (إلى)، يقال: سبقت له، وإليه، بمعنى ومفعول «سَابِقُون» محذوف، تقديره: سابقون الناس إليها. وقيل: اللام للتعليل، أي: سابقون الناس لأجلها. وتكون هذه الجملة مؤكدة للجملة قبلها، وهي ﴿يُسَارِعُونَ فِي الخيرات﴾، ولأنها تفيد معنى آخر وهو الثبوت والاستقرار بعدما دلَّت الأولى على التجدد.
وقال الزمخشري: أي: فاعلون السَّبق لأجلها، أو سابقون الناس لأجلها قال أبو حيان وهذان القولان عندي واحد. قال شهاب الدين: ليسا بواحد إذ مراده بالتقدير الأول: أن لا يقدر السبق مفعول ألبتة، وإنّما الغرض الإعلام بوقوع السبق منهم من غير نظرٍ إلى مَنْ سبقوه كقوله: «يُحْيِي وَيُمِيتُ»، و «كُلُوا واشْرَبُوا»، و «يعطي ويمنع» وغرضه في الثاني تقدير مفعول حذف لدلالة، واللام للعلة في التقديرين وقال الزمخشري أيضاً: أو: إيّاها سابقون. أي: ينالونها قبل الآخرة حيث عجلت لهم في الدنيا. قال شهاب الدين: يعني أن «لَهَا» هو المفعول ب «سَابِقُونَ»، وتكون اللام قد زيدت في المفعول، وحسن زيادتها شيئان كل منهما لو انفرد لاقتضى الجواز، كَوْن العامل فرعاً، وكونه مقدّماً عليه معموله. قال أبو حيان: ولا يدل لفظ «لَهَا سَابِقُون» على هذا التفسير، لأنّ سبق الشيء الشيء يدل على تقديم السابق على المسبوق، فكيف يقول: وهم يسبقون الخيرات، هذا لا يصح. قال شهاب الدين: ولا أدري عدم الصحة من أي جهةٍ، وكأنّه تخيّل أنّ السابق يتقدم على المسبوق فكيف يتلاقيان؟ لكنّه كان ينبغي أن يقول: فكيف يقول: وهم ينالون الخيرات، وهم لا يجامعونها، لتقدمهم عليها إلاّ أن يكون قد سبقه القلم فكتب بدل (وهم ينالون) (وهم يسبقون) وعلى كل


الصفحة التالية
Icon