يعلم الغيب، لأن الشهادة لا يتكامل بها النفع إلا مع العلم بالغيب وذلك كالوعيد لهم فلذلك قال: ( «فَتَعَالَى اللَّهُ) عَمَّا يُشْرِكُونَ».
قوله: «فَتَعَالَى» عطف على معنى ما تقدم، كأنّه قال علم الغيب فتَعَالَى كقولك: زيد شجاع فعظمت منزلته أي: شجع فعظمت. أو يكون على إضمار القول، أي: أقول فتعالى الله. قوله: ﴿قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ﴾ أي: ما أوعدتهم من العذاب قرأ العامة «تُرِيَنِّي» بصريح الياء. والضحاك: «تُرِئَنِّي» بالهمز عوض الياء، وهذا كقراءة: «فَإِمَّا تَرِئَنَّ» «لتَرؤُنَّ» بالهمز، وهو بدل شاذ.
قوله: ﴿رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي﴾ جواب الشرط، و «رَبِّ» نداء معترض بين الشرط وجزائه، وذكر الربّ مرتين مرة قبل الشرط ومرة قبل الجزاء مبالغة في التضرع.
فإن قيل: كيف يجوز أن يجعل الله نبيه مع الظالمين حتى يطلب أن لا يجعله معهم؟
فالجواب: يجوز أن يسأل العبد ربه ما علم أنه يفعله، وأن يستعيذ به مما علم أنه لا يفعله إظهاراً للعبودية وتواضعاً لربه.
قوله: ﴿وَإِنَّا على أَن نُّرِيَكَ﴾ هذا الجار متعلق ب «لَقَادِرُونَ» أو بمحذوف على خلاف سبق في أن هذه اللام تمنع ما بعدها أن يعمل فيما قبلها. والمعنى: أنهم كانوا ينكرون الوعد بالعذاب، فقيل لهم: إن الله قادر على إنجاز ما وعد في الدنيا. وقيل: المراد عذاب الآخرة.


الصفحة التالية
Icon