وقال بريدة الأسلمي: كنا معشر أصحاب محمد نقول: لو لم يقر ماعز (أربع مرات) ما رجمه رسول الله.
وأيضاً فكما لا يقبل في الشهادة على الزنا إلاّ أربع شهادات، فكذا في الإقرار. وكما أن الزنا لا ينتفي إلاّ بأربع شهادات في اللعان، فلا يثبت إلا بالإقرار أربع مرات.
وأما البينة فأجمعوا على أنه لا بُدّ من أربع شهادات لقوله تعالى: ﴿فاستشهدوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ﴾ [النساء: ١٥].
فصل
قال بعض العلماء: لا خلاف أنه يجب على القاضي أن يمتنع عن القضاء بعلم نفسه، كما إذا ادعى رجل على آخر حقاً وأقام عليه بينة، والقاضي يعلم أنه قد أبرأه، أو ادعى أنه قتل أباه وقت كذا وقد رآه القاضي حيًّا بعد ذلك، أو ادعى نكاح امرأة وقد سمعه القاضي طلقها، لا يجوز أن يقضي به ولو أقام عليه شهوداً وهل يجوز له أن يقضي بعلم نفسه مثل إن ادعى عليه ألفاً وقد رآه القاضي أقرضه، أو سمع المدعى عليه يقرّ به؟
فقال أبو يوسف ومحمد والمزني: يجوز له أن يقضي بعلمه، لأنه لما جاز له أن يحكم بشهادة الشهود، وهي إنما تفيد الظن، فلأن يجوز (له) بما هو منه على علم أولى.
قال الشافعي: أقْضِي بعلمي، وهو أقوى من شاهدين، أو شاهد وامرأتين، وهو أقوى من شاهد ويمين، (وبشاهد ويمين) وهو أقوى من (النكول) وردّ اليمين «وقيل: لا يحكم بعلمه لأن انتفاء التهمة شرط في القضاء، ولم يوجد هذا في الأموال فأما العقوبات، فإن كانت العقوبة من حقوق العباد كالقصاص وحدّ القذف فهو مثل المال، إن قلنا لا يقضي فهاهنا أولى، وإلا فقولان.
والفرق بينهما أن حقوق الله تعالى مبنية على المساهلة والمسامحة، ولا فرق