فصل
إذا ثبت الزنا بإقراره فمتى رجع ترك، وقع به بعض الحد أو لم يقع (به)، لأنّ ماعزاً لما مسته الحجارة هرب، فقال عليه السلام: «هَلاَّ تركتموه».
وقيل: لا يقبل رجوعه.
ويحفر للمرأة إلى صدرها، ولا يحفر للرجل، وإذا مات في الحدّ غُسِّل وكُفِّن وصُلِّيَ عليه ودفِن في مقابر المسلمين.
قوله: ﴿إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر﴾ معناه: أن المؤمن لا تأخذه الرأفة إذا جاء أمر الله.
قوله: ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا﴾ أي: وليحضر «عَذَابَهُمَا» : حدهما إذا أقيم عليهما «طَائِفَةٌ» نفر من المؤمنين. قال النخعي ومجاهد: أقله رجل واحد، لقوله تعالى: ﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا﴾ [الحجرات: ٩]. وقال عطاء وعكرمة: اثنان، لقوله تعالى: ﴿فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ﴾ [التوبة: ١٢٢] وكل ثلاثة فرقة، والخارج عن الثلاثة واحد أو اثنان، والاحتياط يوجب الأخذ بالأكثر. وقال الزهري وقتادة: ثلاثة فصاعداً، لأن الطائفة هي الفرقة التي تكون حافة حول الشيء، وهذه الصورة أقل ما لا بد في حصولها الثلاثة.
وقال ابن عباس: «إنَّها أربعة، عدد شهود الزنا»، وهو قول مالك وابن زيد.
وقال الحسن البصري: عشرة، لأنها العدد الكامل.
واعلم أن قوله: «وَلْيَشْهَد» أمر، وظاهره للوجوب، لكن الفقهاء قالوا: يستحب حضور الجمع، والمقصود منه: إعلان إقامة الحد لما فيه من الردع ودفع التهمة.
وقال الشافعي ومالك: يجوز للإمام أن يحضر رجمه وأن لا يحضر، وكذا الشهود لا يلزمهم الحضور. وقال أبو حنيفة: «إن ثبت بالبينة وجب على الشهود أن يبدؤوا بالرمي، ثم الإمام، ثم الناس، وإن ثبت بالإقرار بدأ الإمام ثم الناس».