وقرأ الحسن وأبو رجاء وقتادة والسُّلَمي وعيسى بتخفيف «أن» و «غَضَبُ الله» بالرفع على الابتداء، والجار بعده خبره، والجملة خبر «أَنْ».
وقال ابن عطية: و (أَنْ) الخفيفة على قراءة (نافع) في قوله: (أَنْ غَضِب) قد وليها الفعل. قال أبو علي: وأهل العربية يستقبحون أن يَلِيهَا الفعل، إِلاَّ أن يُفْصل بينها وبينه بشيء، نحو قوله:
﴿عَلِمَ أَن سَيَكُونُ﴾ [المزمل: ٢٠]، ﴿أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ﴾ [طه: ٨٩]، فأما قوله: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ﴾ [النجم: ٣٩] فذلك لقلة تمكن (ليس) في الأفعال، وأما قوله: ﴿أَن بُورِكَ مَن فِي النار﴾ [النمل: ٨] و (بُورِكَ) في معنى الدعاء، فلم يجئ دخول الفاعل لئلا يفسد المعنى، فظاهر هذا أن (غَضِب) ليس دعاء، بل هو خبر عن ﴿غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْها﴾. والظاهر أنه دعاء كما أن (بُورِكَ) كذلك، وليس المعنى على الإخبار فيهما فاعتراض أبي علي وأبي محمد ليس بمرضي.
قوله: ﴿وَلَوْلاَ فَضْلُ الله﴾.
جواب: «لَوْلاَ» محذوف أي: لهلكتم أو لعاجلكم بالعقوبة، ولكنه ستر عليكم ورفع عنكم الحد باللعان، ﴿وَأَنَّ الله تَوَّابٌ﴾ يعود على من يرجع عن المعاصي بالرحمة «حَكِيمٌ» فيما فرض من الحدود.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الذين جَآءُوا بالإفك عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ﴾ الآية.
في خبر «إِنَّ» وجهان:
أحدهما: أنه عصبةٌ و «مِنْكُمْ» صفته. قال أبو البقاء: «وبه أفاد الخبر».
والثاني: أن الخبر الجملة من قوله: «لاَ تَحْسَبُوهُ»، ويكون «عُصْبَةٌ»، بدلاً من فاعل «جَاءوا». قال ابن عطية: التقدير: إنَّ فعل الذين، وهذا أنسق في المعنى وأكثر فائدة من أن يكون «عُصْبَةٌ» خبر (إِنَّ). كذا أورده عنه أبو حيان غير معترض عليه؛