فصل
المشهور أن معنى الآية: لا يحلف أولو الفضل، فيكون «افتعال» من الألية.
قال أبو مسلم: وهذا ضعيف لوجهين:
أحدهما: أن ظاهر الآية على هذا التأويل يقتضي المنع عن الحلف على الإعطاء، وهم أرادوا المنع على ترك الإعطاء، فهذا المتأول قد أقام النفي مكان الإيجاب، وجعل المنهي عنه مأموراً به.
الثاني: أنه قلما يوجد في الكلام «أَفتعَلت» مكان «أفعلت» (وإنما وجد مكان «فعلت» ) وهنا آليْتُ من الأليّة: «افْتَعَلْتُ» فلا يقال: أفعلت، كما لا يقال من ألزمت التزمت، ومن أعطيت اعتطيت. ثم قال في «يأتل» : إن أصله «يأتلي» ذهبت الباء للجزم لأنه نهي، وهو من قولك: مَا ألوتُ فلاناً نصحاً، ولم آل في أمري جُهْداً، أي: ما قصرت. ولا يأل ولا يأتل ولم يأل والمراد: لا تقصروا في أن تحسنوا إليهم، ويوجد كثيراً «افْتَعَلْتُ» مكان «فَعَلْت»، تقول: كسبتُ واكتسبت، وصنعتُ واصطنعتُ، وهذا التأويل مروي عن أبي عبيدة. قال ابن الخطيب: «وهذا هو الصحيح دون الأول».
وأجاب الزجاج عن الأول بأن «لا» تحذف في اليمين كثيراً، قال الله تعالى: ﴿وَلاَ تَجْعَلُواْ الله عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ﴾ [البقرة: ٢٢٤] يعني: أن لا تبروا، وقال امرؤ القيس:
٣٨٢٤ - فَقُلْتُ يَمِين اللَّهِ أَبْرَحُ قَاعِداً... أي: لا أبرح.
وأجابوا عن السؤال الثاني أن جميع المفسرين الذين كانوا قبل أبي مسلم فسروا اللفظ باليمين، وقول واحد منهم حجة في اللغة، فكيف الكل؟ ويعضده قراءة الحسن: «ولا يَتَأَلَّ».
فصل
قال المفسرون معناه: ولا يحلف ﴿أُوْلُواْ الفضل مِنكُمْ والسعة﴾ أي: أولوا الغنى،