﴿واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾ [النساء: ١٢٥] والشجرة: إبراهيم، ثم وصف إبراهيم بقوله: ﴿لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ﴾ أي: لا يصلي قبل المشرق ولا قبل المغرب كاليهود والنصارى، بل كان عليه السلام يصلي إلى الكعبة، ثم قال: ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يضياء وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾ لأن الزيت إذا كان خالصاً ثم رئي من بعيد يرى كأن له شعاعاً، فإذا مسته النار ازْدَاد ضَوءاً على ضوئه كذلك.
قال ابن عباس: «يكاد قلب المؤمن يعمل بالهدى قبل أن يأتيه العلم، فإذا جاءه العلم ازداد نوراً على نور، وهدى على هدى». وقال الضحاك: «يكاد محمد يتكلم بالحكمة قبل الوحي». قال عبد الله بن رواحة:

٣٨٣٤ - لَوْ لَمْ تَكُنْ فيه آياتٌ مبينةٌ كانتْ بديهتُه تُنْبِيكَ بالخَبر
وقال محمد بن كعب القرظي: المشكاة: إبراهيم، والزجاجة: إسماعيل والمصباح محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سماه الله مصباحاً كما سماه سراجاً فقال «وسراجاً منيراً» ﴿يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ وهي إبراهيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ، وسماه مباركاً، لأن أكثر الأنبياء من صلبه ﴿لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ﴾ أي لم يكن إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً، ولكن كان حنيفاً، لأن اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى قبل المشرق ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يضياء وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾ يكاد محاسن محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تظهر للناس من قبل أن يوحى إليه، ﴿نُّورٌ على نُورٍ﴾ نبي من نسل نبي (نور محمد على نور إبراهيم).
قوله: ﴿نُّورٌ على نُورٍ﴾ خبر مبتدأ مضمر أي: ذلك نور، و «عَلَى نُورٍ» صفة ل «نُورٌ». والمعنى: أن القرآن نور من الله - عزَّ وجلَّ - لخلقه مع ما أقام لهم من الدلائل والأعلام قبل نزول القرآن، فازدادوا بذلك نوراً على نور. ﴿يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ﴾.
قال ابن عباس: «لدين الإسلام، وهو نور البصيرة». وقيل: القرآن. (قال إن


الصفحة التالية
Icon