مشددة مخفوضة مكان «بينكم» الظرف في قراءة العامة، وفيها ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه بدل من الرسول.
الثاني: أنه عطف بيان له، لأَنَّ النبيَّ بإضافته إلى المخاطبين صار أشهر من الرسول.
الثالث: أنه نعتٌ.
لا يقال: إنه لا يجوز لأن هذا كما قَرَّرتم أعرف، والنعت لا يكون أعرف من المنعوت بل إمَّا أقلُّ أو مساوٍ، لأنَّ الرَّسول صار علماً بالغلبة على محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقد تساويا تعريفاً.
قوله: ﴿قَدْ يَعْلَمُ الله﴾. «قد» تدل على التقليل مع المضارع إلاّ في أفعال الله فتدل على التحقيق كهذه الآية. وقد ردَّها بعضهم إلى التقليل، لكن إلى متعلَّق العلم، يعني: أن الفاعلين لذلك قليل، فالتقليل ليس في العلم بل في متعلِّقه.
قوله: لِوَاذاً فيه وجهان:
أحدهما: أنه منصوب على المصدر من معنى الفعل الأول، إذ التقدير: يتسلّلون منكم تَسَلُّلاً، أو يُلاَذُون لواذاً.
والثاني: أنه مصدر في موضع الحال، أي: مُلاَوِذين.
واللِّواذُ: مصدر لاَوذَ، وإنما صحَّت الواو وإن انكسر ما قبلها ولم تُقلب ياءً كما قُلبَتْ في «قِيَام» و «صِيَام»، لأنه صحَّت في الفعل نحو «لاَوَذَ»، فلو أُعِلَّتْ في الفعل أُعِلَّتْ في المصدر نحو «القيام» و «الصِّيَام» لقلبها ألفاً في «قام» و «صام». وأما مصدر: «لاَذَ بكذا يَلُوذُ به» فمعتل نحو: «لاَذَ لِيَاذاً» مثل: «صَامَ صِياماً، وقام قِياماً». واللِّوَاذُ والمُلاَوَذَةُ: التَّستُّر، يقال: لاَوَذَ فلانٌ بكذا: إذا استتر بِهِ. واللَّوذُ:


الصفحة التالية