خلل فيه ولا تفاوت حتى يجيء قوله: «فقدره تقديراً» مفيداً إذ لو حملنا ﴿خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ على معناه الأصلي من التقدير لصار الكلام: وقدر كل شيء فقدره.

فصل


قوله: ﴿خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ يدل على أنه تعالى خلق الأعمال من وجهين:
الأول: أن قوله: «كل شيء» يتناول جميع الأشياء، ومن جملتها أفعال العباد.
والثاني: أنه تعالى نفى الشريك، فكأن قائلاً قال: ههنا أقوام معترفون بنفي الشريك والأنداد ومع ذلك يقولون بخلق أفعال أنفسهم، فذكر الله تعالى هذه الآية رداً عليهم. قال القاضي: الآية تدل عليه لوجوه:
أحدها: أنه تعالى صرح بكون العبد خالقاً فقال: ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطين كَهَيْئَةِ الطير﴾ [المائدة: ١١٠]، وقال: ﴿فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين﴾ [المؤمنون: ١٤] وتمدح بأنه قدره تقديراً، ولا يجوز أن يريد به إلا الحسن والحكمة دون غيره. فظاهر الآية لا يدل إلا على التقدير، لأن الخلق عبارة عن التقدير، فلا يتناول إلا ما يظهر فيه التقدير وهو الأجسام لا الأعراض. والجواب: أن قوله: «إِذْ تَخْلُقُ»، وقوله: «أَحْسَنُ الخَالِقِينَ» معارض بقوله: ﴿الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الزمر: ٦٢] وبقوله: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله﴾ [فاطر: ٣] وقولهم: لا يجوز التمدح بخلق الفساد، فالجواب: لم لا يجوز أن يتمدح به من حيث نفاذ القدرة.
قوله
تعالى
: ﴿واتخذوا
يجوز أن يعود الضمير على الكفار الذين تضمنهم لفظ العالمين، وأن يعود على من ادَّعى لله شريكاً وولداً، لدلالة قوله: ﴿وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ﴾ [الفرقان: ٢] وأن يعود على المنذرين، لدلالة «نذيراً» عليهم.


الصفحة التالية
Icon