والجواب: قوله: لا نطلق اسم الخالق على العبد. قلنا: بل يجب ذلك، لأن الخلق في اللغة هو التقدير، والتقدير يرجع إلى الظن والحسبان، فوجب أن يكون اسم الخالق حقيقة في العبد مجازاً في الله، فكيف يمكنهم منع إطلاق لفظ الخالق على العبد؟. وأما قوله تعالى: ﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ﴾ [الأعراف: ١٩٥] فالعيب إنما وقع عليهم، فلا جرم أن من تحقق العجز في حقه من بعض الوجوه لم يحسن عبادته. وأما قوله: ﴿فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين﴾ [المؤمنون: ١٤] فتقدم الكلام عليه. واعلم أن في استدلال أهل السنة بالآية نظر، لاحتمال أن الغيب إنما حصل بمجموع الأمرين، وهو كونهم ليسوا بخالقين، وكونهم مخلوقون، والعبد وإن كان خالقاً إلا أنه مخلوق، فلا يلزم أن يكون العبد إلهاً معبوداً.

فصل


دلَّت الآية على البعث، لأنه تعالى ذكر النشور، ومعناه: أن المعبود يجب أن يكون قادراً على إيصال الثواب إلى المطيعين، والعقاب إلى العصاة، فمن لا يكون كذلك يجب أن لا يصلح للإلهية.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الذين كفروا إِنْ هذا إِلاَّ إِفْكٌ افتراه﴾ الآية. لما تكلم أولاً في التوحيد وثانياً في الرد على عبدة الأوثان، تكلم ههنا في مسألة النبوة، وحكى شبه الكفار في إنكار نبوة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فالشبهة الأولى: قوله: ﴿وَقَالَ الذين كفروا إِنْ هذا إِلاَّ إِفْكٌ افتراه وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ﴾.


الصفحة التالية
Icon