كاتب، وصل الفعل فيه المفعولين: أحدهما: مسرح، وهو ضمير الأساطير والآخر مقيّد، وهو ضميره عليه السلام - ثم اتسع في الفعل، فحذف حرف الجر، فصار «اكْتَتَبَها إياه كاتبٌ»، فإذا بني هذا للمفعول إنما ينوب عن الفاعل المفعول المسرح لفظاً وتقديراً، لا المسرح لفظاً المقيد تقديراً، فعلى هذا كان يكون التركيب (اكتَتَبه) لا (اكتَتَبها)، وعلى هذا الذي قلناه جاء السماع، قال الفرزدق:

٣٨٦١ - ومنَّا الَّذِي اختير الرجال سماحةً وجوداً إذا هبَّ الرياحُ الزّعازعُ
ولو جاء على ما قدره الزمخشري لجاء التركيب: ومنَّا الذي اختيره الرجال. لأن (اختير) تعدى إلى الرجال بإسقاط حرف الجر؛ إذ تقديره: اختير من الرجال. وهو اعتراض حسن بالنسبة إلى مذهب الجمهور، ولكن الزمخشري قد لا يلتزمه، ويوافق الأخفش والكوفيين، وإذا كان الأخفش وهم يتركون المسرح لفظاً وتقديراً، ويقيمون المجرور بالحرف مع وجوده، فهذا أولى.
والظاهر أن الجملة من قوله ﴿اكتتبها فهي تملى﴾ من تتمة قول الكفار.
وعن الحسن أنها من كلام الباري تعالى، وكان حق الكلام على هذا أن يقرأ «أَكْتَتَبَها» بهمزة مقطوعة مفتوحة للاستفهام كقوله: ﴿أفترى عَلَى الله كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ﴾ [سبأ: ٨]. ويمكن أن يعتذر عنه أنه حذف الهمزة للعلم بها كقوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ﴾ [الشعراء: ٢٢]. وقول الآخر:


الصفحة التالية
Icon