يعني الأشباه فضلوا عن الحق ﴿فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً﴾ إلى الهدى ومخرجاً عن الضلالة.
وبيان وجه الجواب كأنه تعالى قال: انظر كيف اشتغل القوم بضرب هذه الأمثال التي لا فائدة فيها: لأجل أنهم لما ضلوا وأرادوا القدح في نبوَّتِك لم يجدوا إلى القدح فيه سبيلاً البتّة، إذ الطعن عليه إنما يكون بما يقدح في المعجزات التي ادعاها لا بهذا الجنس من القول.
قوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الذي إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذلك﴾ الآية وهذا هو الجواب الثاني عن تلك الشبهة، أي: تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِكَ الذي قالوا، وأفضل من الكنز والبستان الذي ذكروا، أي: أنه قادر على أن يعطي الرسول كل ما ذكروه، ولكنه تعالى يعطي عباده بحسب المصالح، أو على وفق المشيئة، ولا اعتراض لأحد عليه في شيء من أفعاله.
قال ابن عباس: ﴿خَيْراً مِّن ذلك﴾ أي: مما عيَّروك بفقد الجنة الواحدة، وهو سبحانه قادر على أن يعطيك جنات كثيرة. وقال في رواية عكرمة: ﴿خَيْراً مِّن ذلك﴾ أي: من المشي في الأسواق وابتغاء المعاش.
وقوله: «إِنْ شَاءَ» معناه: أنه تعالى قادرٌ على ذلك لا أنه شاكٌّ، لأن الشك لا يجوز على الله تعالى. وقيل: «إِنْ» ههنا بمعنى (قَدْ)، أي: قد جعلنا لك في الآخرة جنات ومساكن، وإنما أدخل (إن) تنبيهاً للعبادة على أنه لا ينال ذلك إلا برحمته، وأنه معلق على محض مشيئته، وليس لأحد من العباد حق على الله لا في الدنيا ولا في الآخرة.
قوله: «جَنَّاتٍ». يجوز أن يكون بدلاً من «خَيْراً» وأن يكون عطف بيان لذلك الخير عند من يجوزه في النكرات، وأن يكون منصوباً بإضمار أعني. و ﴿تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار﴾ صفة.
قوله: «وَيَجْعَل لَكَ» قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو بكر برفع «يَجْعَلُ»، والباقون