وقولهم: المراد من اللقاء الوصول إلى حكمه. صرف للفظ عن ظاهره بغير دليل، فثبت دلالة الآية على صحة الرؤية بل على وجوبها، بل على أنّ إنكار الرؤية ليس إلا من دين (الكفار).
قوله: «لَوْلاَ أُنْزِلَ» : هلاّ أنزل «عَلَيْنَا المَلاَئِكَةُ» فيخبرونا أن محمداً صادق ﴿أَوْ نرى رَبَّنَا﴾ فيخبرنا بذلك ﴿لَقَدِ استكبروا في أَنفُسِهِمْ﴾ (أي: تعظموا في أنفسهم) بهذه المقالة.
قال الكلبي ومقاتل: نزلت الآية في أبي جهل والوليد وأصحابهما المنكرين للنبوة والبعث.
قوله: «عُتُواً» مصدر وقد صحَّ هنا وهو الأكثر وأُعِلَّ في مريم في «عِتِيًّا»، لمناسبة ذكرت هناك، وهي تواخي رؤوس الفواصل.
فصل
قال مجاهد: «عُتُوًّا» طغواً. وقال مقاتل: «عتوًّا» غلوًّا في القول.
والعتو: أشد الكفر وأفحش الظلم، وعتوهم طلبهم رؤية الله حتى يؤمنوا به.
وقوله: «فِي أَنْفُسِهِمْ»، لأنهم أضمروا الاستكبار في قلوبهم واعتقدوه، كما قال: ﴿إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّا هُم (بِبَالِغِيهِ) ﴾ [غافر: ٥٦]. وعتوا: تجاوزوا الحد في الظلم.
فصل
وهذا جواب عن شبهتهم وبيانه من وجوه:
أحدها: أن القرآن لما ظهر كونه معجزاً فقد تمت نبوة محمد - عليه السلام - فبعد ذلك يكون اقتراح أمثال هذه الآيات لا يكون إلا محض التعنت والاستكبار.