وقيل: الهَبَاءُ ما تطاير من شرر النَّار إذا أُضْرِمَتْ، والواحدة هباءة على حد تَمْر وتَمْرَة. و «مَنْثُوراً» أي: مفرَّقاً، نثرت الشيء فرَّقته. والنَّثْرَةُ لنجوم متفرقة. والنَّثْرُ: الكلام غير المنظوم على المقابلة بالشعر.
قال ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير: هو ما تسفيه الرياح، وتذريه من التراب، (وحطام الشجر).
وقال مقاتل: هو ما يسطع من حوافر الدواب عند السير.
وفائدة الوصف به أنَّ الهَبَاءَ تراه منتظماً مع الضوء، فإذا حرّكته تفرَّق، فجيء بهذه الصفة لتفيد ذلك.
وقال الزمخشري: أو مفعول ثالث ل «جَعَلْنَاهُ» أي: فَجَعَلْنَاهُ جامعاً لحقارة الهَبَاء والتناثر، كقوله: «كُونُوا» ﴿قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ [الأعراف: ٦٦] أي: جامعين للمسخ والخسأ.
قال أبو حيان: وخالف ابن درستويه، فخالف النحويين في منعه أن يكون ل (كان) خبران وأزيد، وقياس قوله في (جعل) أن يمنع أن يكون لها خبر ثالث.
قال شهاب الدين: مقصوده أن كلام الزمخشري مردودٌ قياساً على ما منعه ابن درستويه من تعديد خبر (كَانَ).
قوله: ﴿أَصْحَابُ الجنة يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً﴾ أي: من هؤلاء المشركين المستكبرين. «وَأَحْسَن مَقِيلاً» موضع قائلة. وفي (أَفْعَل) هاهنا قولان:
أحدهما: أنها على بابها من التفضيل، والمعنى: أن المؤمنين خير في الآخرة