قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الرسول يارب إِنَّ قَوْمِي اتخذوا هذا القرآن﴾.
قال أكثر المفسرين: إنَّ هذا القول وقع مع الرسول. وقال أبو مسلم: بل المراد أنَّ الرسول يقوله في الآخرة كقوله: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هؤلاء شَهِيداً﴾ [النساء: ٤١]. والأول أولى، لأنَّ قوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ المجرمين﴾ تسلية للرسول، ولا يليق ذلك إلا إذا وقع القول منه. و «مَهْجُوراً» مفعول ثان ل «اتَّخَذُوا»، أو حال. وهو مفعول من الهجر - بفتح الهاء - وهو التَّرْكُ والبُعْدُ. أي: جعلوه متروكاً بعيداً، لم يؤمنوا به، ولم يقبلوه، وأعرضوا عن استماعه. وقيل: هو من الهُجر - بالضم - أي: مهجوراً فيه. ثم حذف الجار بدليل قوله: ﴿مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ﴾ [المؤمنون: ٦٧]. وهجرهُم فيه: قولهم فيه: إنه شعر، وسحر، وأساطير الأولين، وكذب وهُجْر، أي: هذيان.
قال عليه السلام: «من تعلم القرآن وعلق مصحفاً، ولم يتعاهده، ولم ينظر فيه، جاء يوم القيامة متعلقاً به، يقول: يا رب العالمين عبدك هذا اتخذني مهجوراً اقض بيني وبينه» وجعل الزمخشري «مَهْجُوراً» هنا مصدراً بمعنى الهجر قال كالمَجْلُود والمعقول. قال شهاب الدين: وهو غير مقيسٍ، ضَبَطَهُ أهل اللغة في أُلَيْفاظ فلا يُتعدى إِلاَّ بنقل.
قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً﴾ الآية. جعل ذكر ذلك تسلية للرسول، وأن له أسوة بسائرة الرسل، فليصبر على ما يلقاه من قومه كما صبر أولُو العزم من الرسل. ﴿وكفى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً﴾.
قال المفسرون: الباء زائدة بمعنى كفى ربك «هَادِياً ونَصِيراً» منصوبان على