والثاني: أنها جملة معترضة بين (إذا) وجوابها. وجوابُها هو ذلك القول المضمر المحكي به» أهذا الذي «والتقدير: وإذا رأوك قالوا أهذا الذي بعث، فاعترض بجملة النفي، ومفعول» بعث «محذوف هو عائد الموصول، أي: بعثه.
و «رسولاً»
على بابه من كونه صفة فينتصب على الحال، وقيل: هو مصدر بمعنى رسالة، فيكون على حذف مضاف، أي ذا رسول بمعنى رسالة، أو يجعل نفس المصدر مبالغة، أو بمعنى: مرسل. وهو تكلف.
قوله: ﴿إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا﴾ تقدم نظيره في سبحان.
قوله: ﴿لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا﴾ جوابها محذوف، أي: لضللنا عن آلهتنا. قال الزمخشري: و «لولا» في مثل هذا الكلام جار من حيث المعنى لا من حيث الصيغة مجرى التقيد للحكم (المطلق).

فصل


قال المفسرون: إن أبا جهل كان إذا مر بأصحابه على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال مستهزءاً: «أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً» «إنْ كَادَ» قد كاد «لَيُضِلُّنَا» أي: قد قارب أن يضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها أي: (أي لو لم نصبر عليها) انصرافا عنها، ﴿وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ العذاب مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً﴾ من أخطأ طريقاً. (واعلم أن الله تعالى أخبر عن المشركين أنهم متى رأوا الرسول - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - أتوا بنوعين من الأفعال. أحدهما: الاستهزاء، فيقولون: ﴿أهذا الذي بَعَثَ الله رَسُولاً﴾ وذلك جهل عظيم، لأن الاستهزاء إما أن يكون بصورته أو بصفته والأول باطل، لأنه - عَلَيْهِ


الصفحة التالية
Icon