الثامن: أن يكونا خبري ابتداء مضمر، أي: (هي) هُدًى وبُشْرَى للمؤمنين.
فصل
المراد يهديهم إلى الجنة وبشرى لهمن كقوله تعالى: ( ﴿فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ) مَّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً﴾ [النساء: ١٧٥]، ولهذا خص به المؤمنين، وقيل: إنما تكون للمؤمنين أو لأنهم تمسكوا به، كقوله:
﴿إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا﴾ [النازعات: ٤٥]، أو أنه يزيد في هداهم، كقوله تعالى: ﴿وَيَزِيدُ الله الذين اهتدوا هُدًى﴾ [مريم: ٧٦].
قوله: ﴿الذين يُقِيمُونَ الصلاة﴾ يجوز أن يكون مجرور المحل، نعتاً للمؤمنين، أو بدلاً أو بياناً، أو منصوبة عل المدح، أو مرفوعة على تقدير مبتدأ، أي: هم الذين، والمراد بها: الصلوات الخمس، وكذا القول في الزكاة، فإنها هي الواجبة، لأن التعريف بالألف واللام يقتضى ذلك. وإقامة الصلاة أن يؤديها بشرائطها، والزكاة بوضعها في مواضعها.
قوله: ﴿وَهُم بالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ﴾ «هم» الثاني تكرير للأول على سبيل التوكيد اللفظي، وفهم الزمخشري منه الحصر، أي: لا يوقن بالآخرة حق الإيقان إلا هؤلاء، المتصفون بهذه الصفات. ويدل عليه أنه عقد جملة ابتدائية، وكرر فيها المبتدأ الذي هو «هم» حتى صار معناها: وما يوقن بالآخرة حق الإيقان إلا هؤلاء الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح، لأن خوف العاقبة يحملهم على تحمل المشاق.
و «بالآخِرَةِ» متعلق ب «يوقنون»، ولا يضر الفصل بينهما بالتوكيد.
وهذه الجملة يحتمل أن تكون معطوفة على اصلة، داخلة في حيز الموصول، وحينئذ يكون قد غاير بين الصِّلأَتين لمعنى، وهو أنه لما كان إقامة الصلاة، وإيتاه الزكاة مما يتكرَّر ويتجدَّد بالصتين جملة فعلية، فقال: «يُقِيمُونَ»، وَ «يُؤْتُونَ».
ولما كان الإيقان بالآخرة أمراً ثابتاً مطلوباً دوامه، أتى بالصلة جملة اسمية، مكرراً فيها المسند إليه، مقدماً الموقن به، الدال على الاختصاص، ليدل على الثبات