زوال الحيرة في أمر الطريق، ومن الانتفاع بالنار للاصطلاء، فلذلك بشرها فقال: ﴿إني آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ﴾ والخبر: ما يخبر به عن حال الطريق؛ لأنه كان قد ضله. ثم في كلام حذف، وهو أنه لما أبصر النار توجه إليها، وقال: سآتيكم منها بخبر يعرف به الطريق.
قوله: ﴿أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ﴾ قرأ الكوفيون بتنوين «شِهَاب»، على أن «قَبَس» بدل من «شِهَابٍ» أو صفة له، لأنه بمعنى مقبوس، كالقبض والنفض، والباقون بالإضافة على البيان، لأنَّ الشِّهاب يكون قبساً وغيره.
والشِّهَابُ: الشُّعلة، والقَبَسُ: القطعة منها يكون في عودٍ وغير عود. و «أو» : على بابها من التنويع، والطاء في «تَصْطَلُونَ» : يدل من تاء الافتعال، لأنه من صَلِيَ بالنار.
فإن قيل: قال هاهنا: ﴿سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ﴾، وفي موضع آخر، ﴿لعلي آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ﴾ [القصص: ٢٩] وهما كالمتدافعين، لأن أحدهما تَرَجٍّ والآخر تيقن.
فالجواب: قد يقول الراجي إذا قوي رجاؤه: سأفعل كذا، وسيكون كذا،