بُورِكَ» لأن معنى: نودي أن بورك، وقيل له: ألق عصاك، والدليل على ذلك قوله: ﴿وأن ألق عصاك﴾، بعد قوله: أن يا موسى إني أنا الله على تكرير حرف التفسير، كما يقول: كتبت إليه أن حجَّ واعتمر، وإن شئت، أن حجَّ وأن اعتمر. قال أبو حيان: وقوله إنه معطوف على «بُورِكَ» مُنَافٍ لتقديره، وقيل له: ألق عصاك، لأن هذه جملة معطوفة على «بُورِكَ» وليس جزؤها الذي هو معمول، وقيل: معطوفاً على «بُرِكَ»، وإنما احتاج إلى تقدير: وقيل له: ألق، ليكون جملة خبرية مناسبة للجملة الخبرية التي عطفت عليها، كأنه يرى في العطف تناسب الجمل المتعاطفة. والصحيح أنه لا يشترط ذلك، ثم ذكر مذهب سيبويه.
﴿فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ﴾، وهي الحية الصغيرة التي يكثر اضطرابها، سميت جانّاً، لأنها تستر عن الناس. وقرأ الحسن، والزهري، وعمرو بن عبيد «جَأنٌّ» بهمزة مكان الألف، وقد تقدم تقرير هذا عند ﴿وَلاَ الضآلين﴾ [الفاتحة: ٧] على لغة من يهرب من التقاء الساكنين، فيقول شأبَّة ودأبَّة. «وَلَّي مُدْبِراً» هرب من الخوف، و «وَلَمْ يُعَقِّبْ» : لم يرجع، يقال: عقب فلان: إذا رجع، وكل راجع معقب.
وقال قتادة: ولم يلتفت، فقال الله: ﴿ياموسى لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ المرسلون﴾، يريد: إذا أمَّنتهم لا يخافون، وقيل: المراد إذا أرمتهم بإظهار معجز أن لا يخافوا فيما يتعلق بإظهار ذلك، وإلا فالمرسل قد يخاف لا محالة، لأن الخوف الذي هو شرط الإيمان لا يفارقهم، قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: «أنا أخاشكم لله»
قوله: «تَهْتَزُّ» جملة حالية من (هاء) «رآها»، لأن الرؤية بصريَّة، وقوله: «