وإنَّما نكر «عِلْما» تعظيماً له، أي علماً سنياً، أو دلالة على التبعيض، لأنه قليل جداً بالنسبة إلى علمه تعالى.

فصل


المعنى: ﴿وَقَالاَ الحمد لِلَّهِ الذي فَضَّلَنَا﴾ بالنبوة والكتاب وتسخير الشياطين، والجن والإنس ﴿على كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ المؤمنين﴾، ولم يفضلوا أنفسهم على الكل، وذلك يدل على حسن التواضع. قوله: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ﴾، قال الحسن: المال لأن النبوة عطية مبتدأة لا تورث، وقال غيره: بل النبوة والعلم والملك دون سائر أولاده، ولو تأمل الحسن لعلم أن المال لا يورث من الأنبياء، لقوله عليه السلام: «نَحْنُ مَعَاشِرَ الأنْبِياءِ لا نُورَث مَا تَرَكْنَاهُ صدقة»، وأيضاً فإن المال إذا ورثه الولد فهو أيضاً عطية مبتدأة من الله تعالى، ولذلك يرثه الولد إذا كان مؤمناً، ولا يرث إذا كان كافراً أو قاتلاً، ولا كذلك النبوة، لأن الموتا لا يكون سبباً لنبوة الولد، وكان لداود تسعة عشر ابناً، واعطي سليمان ما أعطي داود من الملك، وزيد له تسخير الريح وتسخير الشياطين، قال مقاتل: كان سليمان أعظم ملكاً من داود وأقضى منه، وكان داود أشد تعبداً من سليطان، وكان سليمان شاكراً لنعم الله.
﴿وَقَالَ يا أيها الناس عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطير﴾، يعني صوته، سمي صوت الطير منطقاً، لحصول الفهم منه كما يفهم من كلام الناس، روي عن كعب قال: صاح ورشان عند سليمان عليه السلام، فقال: أتدرون ما يقول؟ قالوا لا، قال: إنه يقول: لدوا للموت، وابنوا للخراب، وصاحت فاختة، فقال: أتدرون ما تقول؟ قالوا لا، قال


الصفحة التالية
Icon