بمعنى بل، ثم أوعد على غيبته، فقال: ﴿لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً﴾، فقيل: بنتف ريشه ووضعه لهوام الأرض، وقيل: بحبسه في القفص، وقيل: بأن يفرق بينه وبين إلفه، وقيل: بحبسه مع ضده، ﴿أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾ حُجَّة ظاهرة.
قوله: «فَمَكَثَ» قرأ عاصم بفتح الكاف، والباقون بضمها، وهما لغتان، إلا أن الفتح أشهر، ولذلك جاءت الصفة على ماكث، دون كيث، واعتذر عنه بأن فاعلاً قد جاء لفَعُل بالضم، نحو: حَمُضَ فهو حامض، وخَثُر فهو خاثر، وفَرُهَ فهو فاره.
قوله: «غَيْرَ بعِيدٍ»، يجوز أن يكون صفة للمصدر، أي مكثراً غير بعيد، وللزمان أي: زماناً غير بعيد، وللمكان أي: مكاناً غير بعيد، والظاهر أن الضمير في مكث للهدهد، وقيل: لسليمان - عليه السلام - فقال: ﴿أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ﴾، والإحاطة: العلم بالشيء من جميع جهاته، يقول: علمت ما لم تعلم، وبلغت ما لم تبلغه أنت ولا جنودك.
قوله: «مِنْ سَبَأ»، قرأ البزِّيّ، وأبو عمرو بفتح الهمزة، جعلاه اسماً للقبيلة أو البقعة، فمنعاه من الصرف للعلمية والتأنيث، وعليه قوله: