جُريج والسُّديّ: لما قالت أخت موسى ﴿وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾ استنكروا حالها وتفرّسوا أنها قرابتُه، فقالت: إنَّمَا أَرَدْتُ وهم للملك ناصِحُونَ، فتخلَّصَت منهم، وهذا يُسمى عند أهل البيان الكلام الموجَّه ومثله: لما سُئِل بعضهم وكان بين أقوام بعضهم يحب عليّاً دون غيره، وبعضهم أبا بكر وبعضهم عمر وبعضهم عثمان، فقيل له: أيهم أحبّ إلى رسول الله؟ فقال: من كانت ابنته تحته. وقيل لما تفرّسوا أنه قرابتُهُ قالت: إنما قللت هذا رغبة في سرور الملك أمي. قالوا: ولأمك ابن؟ قالت: نعم، هارون، وكان هارون ولد في سنة لا يقتل فيها. قالوا: صدقت، فائتينا بها، فانطلقت إلى أمه فأخبرتها بحال ابنها، وجاءت بها إليهم، فلما وجد الصبي ريح أمه قبل تديثها وجعل يمصّه حتى امتلأ جنباه ريّاً.
والنصح: إخلاص العمل من سائر الفساد.
قوله: ﴿فَرَدَدْنَاهُ إلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا﴾ بردِّ موسى إليها، «وَلاَ تَحْزَنَ» عطف على «تَقَرَّ»، ودمعةُ الفرح قارّةٌ، ودمعةُ التَّرَح حارَّةٌ، قال أبو تمام:
٣٩٧٦ - فَأَمَّا عُيُونُ العَاشِقِينَ فَأَسْخَنَتْ | وَأَمَّا عُيُونُ الشَّامِتِينَ فَقَرَّتِ |