في هذا الباب قال شهاب الدين: نسبة التصحيف إلى هؤلاء غير محمودة (كما أن تغالي) الهذلي في اختيار الشاذة غير محمود.
قوله: «فَوَكَزَهُ» أي: دفعه بجميع كَفِّه، والفرق بين الوَكْزِ واللَّكْزِ: أَنَّ الأول بجميع الكف والثاني: بأطراف الأصابع، وقيل بالعكس، وقيل: اللكز في الصدر، والوكز في الظهر، والنَّكْزُ كاللَّكْزِ قال:
٣٩٧٩ - يَا أَيُّهَا الجَاهِلُ ذُو التَّنَزِّي | لا تُوعِدني حَبَّةٌ بِالنَّكْزِ |
قوله: «فَقَضَى» أي: موسى، أو الله تعالى، أو ضمير الفعل أي: الوكز «فَقَضَى عَلَيْهِ» أي: أماته، وقتله، وفرغ من أمره، وكل شيء فرغت منه فقد قضيته وقضيت عليه، فندم موسى ولم يكن قصده القتل، فدفنه في الرمل، و ﴿قَالَ: هذا مِنْ عَمَلِ الشيطان إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ﴾ فقوله: «هذَا» إشارة إلى القتل الصادر منه، و ﴿مِنْ عَمَلِ الشيطان﴾ أي: من وسوسته وتسويله.
فصل
احتج بهذه الآية من طعن في عصمة الأنبياء من وجوه:
أحدها: أن ذلك القبطي إما أن يكون مستحق القتل أو لم يكن كذلك، فإن استحق القتل فلم قال: ﴿هذا مِنْ عَمَلِ الشيطان﴾ ؟ ولم قال: ﴿ظَلَمْتُ نَفْسِي فاغفر لِي فَغَفَرَ لَهُ﴾ ؟ وقال في سورة أخرى ﴿فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ الضالين﴾ [الشعراء: ٢٠]. وإن لم يستحق القتل كان قتله معصيةً وذنباً.
وثانيها: أنَّ قوله: ﴿وهذا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ يدل على أنه كان كافراً حربياً، فكان دمه مباحاً،