قال ابن مسعود: أفرسُ الناس ثلاثة: بنتُ شعيب، (وصاحب يوسف)، وأبو بكر في عمر.
فقال لها أبوها: وما علمك بقوته وأمانته؟ قالت: أما قوتُه، فإنه رفع حجراً من رأس البئر لا يرفعه إلا عشرة، وقيل: إلا أربعون، وأمَّا أمانته، فإنه قال لي: امشي خلفي حتى لا تصف الريح بدنك. قال شعيب عند ذلك: ﴿إني أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابنتي هَاتَيْنِ﴾. قال أكثر المفسرين: إنه زوجه الصغير منهما، وهي التي ذهبت لطلب موسى واسمها صفورة. قوله: ﴿أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى﴾ روي عن أبي عمرو «أنْكِحَكَ حدى» بحذف همزة «إحدَى»، وهذه تشبه قراءة ابن محيصن «فَجَاءَتْهُ حْدَاهُما»، وتقدم التشديد في نون «هَاتَيْنِ» في سورة النساء.
قوله ﴿على أَن تَأْجُرَنِي﴾ في محل نصب على الحال، إما من الفاعل أو من المفعول، أي: مشروطاً على أو عليك ذلك. و «تَأْجُرَنِي» مضارع أَجَرْتُه، كنتُ له أجيراً، ومفعوله الثاني محذوف، أي: وتأجُرنِي نفسَك، و «ثَمَانِيَ حِجَجٍ» ظرف له. ونقل أبو حيان عن الزمخشري أنها هي المفعول الثاني. قال شهاب الدين الزمخشري لم يجعلها مفعولاً ثانياً على هذا الوجه، وإنّضام جعلها مفعولاً ثانياً على وجه آخر، وأما على هذا الوجه فلم يجعلها غير ظرف، وهذا نصه ليتبين لك، قال: «تَأْجُرَنِي»، من أجرته إذا كنت له أجيراً، كقولك: أبوته إذا كنت له أَباً، و «ثَمَانِيَ حِجَجٍ» ظفر، أو مِنْ أجرته إذا أثبته، ومنه تعزية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «آجركُم اللَّهُ ورحِمَكُمْ» وثماني حججٍ «مفعول به، ومعناه رعية ثماني حجج. فنقل الشيخ عنه الوجه الأول من المعنيين المذكورين في» تأجُرنِي «فقط، وحكى عنه أنه أعرب» ثَمَاني حِجَجٍ «مفعولاً به، وكيف يستقيم ذلك أو يتجه؟ وانظر إلى الزمخشري


الصفحة التالية
Icon