لأن الشاهد لا بد وأن يكون حاضراً فما الفائدة في إعادة قوله: ﴿وَمَا كنتَ مِنَ الشاهدين﴾.
فالجواب: قال ابن عباس التقدير لم تحضر ذلك الموضع ولو حضرت ما شاهدت تلك الوقائع، فإنه يجوز أن يكون هناك، ولا يشهد ولا يرى.
قوله: ﴿وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً﴾ وجه الاستدراك أن المعنى: وَمَا كُنْتَ شَاهِداً لموسى وما جرى عليه ولكِنَّا أوحيناه إليك، فذكر سبب الوحي الذي هو إطالة الفترة ودل به على المسبب على عادة الله في اختصاراته، فإن هذا الاستدراك هو شبيه بالاستداركين بعده، قاله الزمخشري، وهذا تنبيه على المعجز، كأنه قال: إن في إخبارك بهذه الأشياء من غير حضور ولا مشاهدة ولا تعلم من أهله دلالةً ظاهرةً على نبوتك كقوله: ﴿أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصحف الأولى﴾ [طه: ١٣٣] ؟
قوله: ﴿وَمَا كُنتَ ثَاوِياً﴾ أي: مقيماً، يقال: ثَوَى يَثْوِي ثَوَاءً وثُوِياً، فهو ثاوٍ ومثويّ، قال ذو الرمة.
٤٠٠٧ - لَقَدْ كَانَ في حَوْلٍ ثَوَاءٍ ثَوَيْتُه... تَقَضِّي لُبَانَاتٍ وَيَسْأْمُ سائِمُ
وقال:
٤٠٠٨ - طَالَ الثَّوَاءُ عَلَى رَسُولِ المَنْزِلِ... وقال العجاج:
٤٠٠٩ - وَبَاتَ حَيْثُ يَدْخُلُ الثَّوِيُّ... يعني الضيف المقيم.
قوله: «تَتْلُوا» يجوز أن يكون حالاً من الضمير في «ثَاوِياً»، وأن يكون خبراً


الصفحة التالية
Icon