بعضهم: إنه لا يفرح بالدنيا إلا من رضي بها واطمأن إليها، وأمَّا من يعلم أنَّه سيفارق الدنيا عن قريب لم يفرح. وما أحسن قول المتنبي:
٤٠١٩ - أَشَدُّ الغَمِّ عِنْدِي في سُرُورٍ | تَيَقَّنَ عَنْهُ صَاحِبُهُ انْتِقَالاَ |
وثانيها: قوله: ﴿وابتغ فِيمَآ آتَاكَ﴾ يجوز أن يتعلق «فِيمَا آتَاكَ» ب «ابْتَغِ»، وإن يتعلق بمحذوف على أنه حال، أَي: متقلباً «فِيمَا آتاكَ». و «مَا» مصدرية أو بمعنى الذي. والمراد أن يصرف المال إلى ما يؤديه إلى الجنة، والظاهر أنه كان مقرّاً بالآخرة.
وثالثها: قوله: ﴿وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدنيا﴾ قال مجاهد وابن زيد لا تترك أن تعمل في الدنيا للآخرة وقال السُّدِّي: بالصدقة وصلة الرحم وقال علي ألاَّ تنسى صحتك وقوة شبابك وغناك أن تطلب بها الآخرة، «قال عليه السلام لرجل وهو يعظه:» اغْتَنِمْ خَمْساً قبلَ خَمْسٍ شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِك، وصحَّتك قبل سَقَمِكَ، وغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وفَرَاغك قَبْلَ شُغْلِكَ، وحَيَاتكَ قَبْلَ مَوْتِكَ «
قوله: ﴿وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ﴾ : أي: إحساناً كإحسانه إليك، أي: أحسن بطاعة الله كما أحسن إليك بنعمته، وقيل: أحسن إلى الله إليك، وقيل إنه لما أمره بالإحسان بالمال أمره بالإحسان مطلقاً، ويدخل فيه الإعانة بالمال والجاه وطلاقة الوجه وحسن اللقاء.