عظيمة، فإن تقوى الله حق تقاته أمر عظيم فقدم عليها النداء الذي يكون للبعيد الغافل عنها.
وأما هذه السور افتتحت بالحروف وليس فيها الابتداء بالكتاب والقرآن، وذلك لأن ثِقَلَ القرآن هو ما فيه من التكاليف والمعاد، وهذه السورة فيها ذكر جميع التكاليف حيث قال: ﴿أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا «يعني لا يتركون بمجرد ذلك، بل لا بدّ وأن يؤمنوا بأنواع التكاليف، ففيها المعنى الذي في السورة التي ذكر يها القرآن المشتمل على الأومر والنواهي.
فإن قيل: فهذا المعنى ورد في سورة التوبة وهو قوله: {بَرَآءَةٌ مِّنَ الله وَرَسُولِهِ إِلَى الذين عَاهَدْتُمْ مِّنَ المشركين﴾
[التوبة: ١] ولم يقدم عليه حروف التهجي!.
فالجواب: أن هذا ابتداء كلام، ولهذا وقع الاستفهام بالهمزة، فقال:»
أَحَسِبَ «، وذلك وسط كلام بدليل وقوع الاستفهام تاماً، والتنبيه (يكون) في أول الكلام، لا في أثنائه.
وأما ﴿الم غُلِبَتِ الروم﴾ فسيجيء في موضعه إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: ﴿أَحَسِبَ الناس أَن يتركوا أَن يقولوا آمَنَّا﴾.
قوله:»
أن يتركوا «سد مفعولي» حسب «عند الجمهور، ومسد أحدهما عند الأخفش.
قوله:»
أن يقولوا «فيه أوجه:
أحدها: أنه بدل من»
أن يتركوا «، أبدل مصدراً مؤولاً من مثله.
الثاني: أنها على إسقاط الخافض، وهو الباء واللام، أي: بأن يقولوا، أو لأنْ يَقُولُوا.


الصفحة التالية
Icon