سائق النعم إلى الخلق «وإليه ترجعون» أي اعبدوه، لكونه مرجاً منه يتوقع الخير لا من غيره. قوله: ﴿وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ﴾ في المخاطب بهذه الآية وجهان:
الأول: أنه قوم إبراهيم؛ لأن القصة لإبراهيم، فكأن إبراهيم قال لقومه: إن تكذبوا فقد كَذَّب أُمَمٌ من قبلكم وأنا أتيت بما عليّ من التبليغ، فإن الرسول ليس عليه إلا البلاغ والبيان. فإن قيل: إن إبراهيم لم يسبقه إلا قومُ نوح، وهم أمة واحدة.
فالجواب: إن قبل نوح أيضاً كان أقوام كقوم «إدْرِيسَ»، وقوم «شِيتَ»، وآدَمَ، وأيضاً فإن نوحاً عاش أكثر من ألف سنة، وكان القرن يموت، ويحيا أولاده، والآباء يوصون الأبناء بالامتناع عن الأتْبَاعِ، فكفى بقوم نوحٍ أمماً.
الثاني: أن الآية خطاب مع قوم محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؛ لأن هذه القصص أكثرُها المقصودُ معه تذكير قومه بحال من مضى حتى يمتنعوا عن التكذيب، ويرتدعوا خوفاً من التعذيب، فقال في أثناء حكاياتهم: يا قوم إن تكذبوا فقد كذب قبلكم أقوام هلكوا، فإن كذبتم فإني أخاف عليكم أن يقع بكم ما وقع بغيركم.
وهذه الآية تدل على أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة لأن الرسول إذا بلغ شيئاً ولم يبينه فلم يأت بالبلاغ المبين.
قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ﴾ قرأ الأخوان وأبو بكر بالخطاب، على خطاب «إبراهيم» لقومه بذلك، والباقون بالغيبة، ردّاً على الأمم المكذبة.
قوله: «كَيْفَ يُبْدِىءُ»، العامة على ضم الياء من «أَبْدَأَ» والزُّبَيْرِيُّ، وعيسى، وأبو