عمرو بخلاف عنه يَبْدَأُ مضارع بَدَأَ. وقد صرح بماضيه هنا حيث قال: ﴿كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ﴾، وقرأ الزهري: «كيف يبدأ» بألف (صريحة وهو تخفيف على غير قياس، وقياسه بين بين وهو في الشذوذ كقوله:
٤٠٢٧ -....................... فَارْعَيْ فَزَارَةُ لاَ هَنَاكِ المَرْتَعُ

فصل


المعنى: أو لم يروا كيف يخلقهم الله ابتداء نطفة ثم علقه، ثم مضغة.
فإن قيل: متى رأى الإنسان بَدْءَ الخلق، حتى يقال: ﴿أو لم يروا كيف يبدىء الله الخلق﴾ ؟
فالجواب: إن المراد بالرؤية العلم الواضح الذي كالرؤية، والعاقل يعلم أن البدء من الله لأن الخلق الأول لا يكون من مخلوق، وإلا لما كان الخلق الأول خلقاً أول، فهو من الله، هذا غن قلنا: إن المراد إتيان نفس الخلق وغطن قلنا: إن المراد بالمبتدأ خلق الآدمي أولاً، وبالإعادة خلقه ثانياً، فنقول: العاقل لا يخفى عليه أن خلق نفسه ليس إلا قادر حكيم يصور الأولاد في الأرحام، والخلقة من نظفة في غاية الإتقان والإحام فذاك الذي خلق أولاً معلوم ظاهر، فأطلق على ذلك العلم لفظ الرؤية، وقال: ﴿أو لم يروا﴾ أي أو لم يعلموا علماً ظاهراً واضحاً كيف يبدأ الله الخلق وهو من غذاءٍ هو من ماءٍ وتراب يجمعه فكذلك يجمع أجزاءه من التراب وينفخ فيه روحه بل هو أسهل بالنسب إليكم فإن من نحت حجارة حتى صارت أصناماً ثم كسرها وفرقها فإن وضعه شيئاً بجنب شيء في هذه النوبة أسهل، لأن الحجارة منحوته معلومة.
فإن قيل: علق الرؤية بالكيفية لا بالخلق، ولم يقل: أو لم يروا أن الله خلق او بدأ الخلق والكيفية غير معلومة.
فالجواب: هذا القدر من الكيفية معلوم وهو أنه خلقه ولم يك شيئاً مذكوراً، وأنه خلقه من نطفة من غذاء هو من ماء وتراب، وهذا القدر كاف في حصول العلم بإمكان الإعادة.


الصفحة التالية
Icon