لي كفيلاً فكفل له ابن عبد الله بن أبي بكر، فلما أراد أبي بن خلف أن يخرج إلى أحد رآه عبد الله بن أبي بكر فلزمه وقال: والله لا أدَعُكَ حتى تُعْطِيَنِي كفيلاً فأطاه، ثم خرج إلى أحد ثم رجع أبي بن خلف فمات بمكة من جراحته التي جرحه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حين بارزه وظهرت الروم على فارس يوم الحديبية، وذلك عند رأس سبع سنين من مناحبتهم.
وقيل: كان يوم بدر، قال الشعبي: لم تَمْض تلك المدة التي عقدوا المانحبة بينهم أهل مكة وصاحب قمارهم أبي بن خلف والمسلمون وصاحب قمارهم أبو بكر الصديق، وذلك قبل تحريم القمار حتى غلبت الروم فارس، وربطوا خيولهم بالمدائن وبنوا الرومية فقمر أبو بكر أبيّاً، وأخذ مال الخطر من ورثته، وجاء به يحمله إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تصدق به.
قوله: ﴿مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾ العامة على بنائها ضمّاً لقطعهما على الإضافة وإرادتهما أي من قَبْلِ الغَلَبِ ومِن بَعْدِهِ أو من قبل كل أمر ومن بعده، وإنما بني على الضم لما قطعت عن الإضافة لأن غير الضمة من الفتح والكسرة تشبيه بما يدخل إليهما وهو النصب والجر، أما النصب ففي قولك: «جِئْتُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ».
وأما الجر ففي قولك: «من قبلِه ومن بَعْدِه» فبني عليه لعدم دخول مثلها عليه في الإعراب وهو الرفع، وحكى الفراء كسرها من غير تنوين. وغلطه النحاس وقال: إنما يجوزُ من قبل ومن بعد يعني مكسوراً منوناً، قال شهاب الدين: وقد قرىء بذلك ووجهه أنه لم ينو إضافتهما فَأَعْرَبَهُمَا كقوله:
٤٠٣٣ - فَسَاغَ لِيَ الشَّرَابُ وَكُنْتُ قَبْلاً | أَكَاد أَغُصُّ بِالمَاءِ القُرَاحِ |
وقوله:٤٠٣٤ - وَنَحْنُ قَتَلْنَا الأُسْدَ أُسْدَ خَفِيَّة | فَمَا شَرِبُوا بَعْداً عَلَى لذَّةٍ خَمْرَا |
وحكي من قبلٍ بالتنوين والجر ومن بعدُ بالبناء على الضم.